برعاية بلدية بنت جبيل وحضور رئيس المجلس البلدي المهندس الحاج عفيف بزي، ورئيس الحركة الثقافية في لبنان بلال شرارة وأعضاء في الحركة، وأعضاء الهيئة الإدارية للمركز الثقافي في بنت جبيل (مركز المطالعة والتنشيط الثقافي)، وفعاليات إغترابية، خاصة من الولايات المتحدة الأميركية وغيرها، وأعضاء في المجلس البلدي، والمختارين، وفعاليات ثقافية وتربوية وإجتماعية وإعلامية وغيرها، نظم إحتفال حاشد في قاعة الدكتور إسماعيل عباس، في ثانوية بنت جبيل الرسمية لتوقيع كتاب "أقلام مهجرية" لمؤلفه كامل محمود بزي.
بداية مع النشيد الوطني اللبناني، ثم تقديم من قبل الدكتور عدنان مكي، وهو واحد من مغتربي بنت جبيل في أميركا، وناشط في المجال الثقافي والكتابي.
مما جاء في التقديم: "لقد حطّت صفحات" "أقلام مهجرية" رحالها بعد سفر مضنٍ في مدينة بنت جبيل لتفتح أذرعها نيابة عن أصحابها، تعانق أهلها بشوق وسلام، ثلاثون قلماً تتزاحم شوقاً إلى الوطن الأم في حقيبة صاحب الأقلام الأستاذ كامل بزي. ومن أجدر منه للحديث عن هذا الإرث البديع والأدب الرفيع، وهو الذي قضى شطراً من عمره على هذا التراب المنيع،شاهداً على أحداثه، حلوها ومرّها، حتى ترسّبت في أعماق نفسه، يستحضرها أنّى شاء...
لملم الأستاذ كامل ذلك كله ويمّم شطر أميركا في العالم واحد وسبعين من القرن المنصرم، ليلتقي نخبة من أصحاب القلم ورّواد الحرف، ليجعل من منزله في مدينة ديربورن منتدى لهؤلاء في لقاءات وأمسيات عامرة بشتى فنون الأدب نثراً وشعراً...، وحرصاً من الأستاذ كامل على ألا تضيع تلك الندوات، فقد قام بتدوينها وأرشفتها بصبر وتصميم لا مثيل لها، ولم أعرف مدوّناً أكثر دقة في التوثيق والتدوين من الأستاذ كامل..."
ثم كانت كلمة الحركة الثقافية في لبنان، ألقاها عضو الهيئة الإدارية للحركة الأستاذ أحمد نزّال الذي ركّز على جبل عامل وعلاقته بالشعر والتراث، وتحدث عن الكاتب الأديب كامل محمود بزي فقال عنه أنه "الرجل العاملي الذي إتخذ الأمواج سلّماً إلى الجبال، وطريقاً إلى الإبداع، وأدراجاً إلى السماء، هاجر إلى أبعد حدود الممكن، ليفتش في الريح، وليبني أحلامه إلى غد الأمن والأمان".
ثم تحدث عن المهاجرين الذين ذهبوا إلى كل أصقاع العالم، "وخطوا في الرمل أحلاماً بيضاء لوطن يعيش على رصيف الحياة، ممهورين بالأمل".
وعن الكتاب "أقلام مهجرية" قال أنه: "كتاب بحجم الوطن، يضم بين دفيته حكاية ثلاثين عالماً من لبنان، تختلف تجاربهم المهجرية في بعض التفاصيل، إلا أنها تتفق في الرؤيا إلى الله والوطن والإنسان" وأضاف قائلاً: "يطرح هذا الكتاب قضية الشعراء المهجريين الذين حملوا لواء الثقافة طوال قرون".
بعدها كانت كلمة الدكتور يحيى شامي، الذي قدّم أساساً لكتاب "أقلام مهجرية" وقد ركّز الدكتور يحيى على العمل المضني وإلحاد والمتميز للكاتب كامل بزي، وعلى ديوانيته التي كان يرتادها شعراء وأدباء ومثقفون، شاركوا في الندوات التي كانت تعقد في منزل كامل بزي، والتي نتج عنها هذا الكمّ من الكلمات التي يزخر بها هذا الكتاب... تابع الدكتور يحيى قائلاً: "إن أدب المهجر هو وليد تلك الهجرة المحفوفة بالأخطار، وثمرة من ثمرات نبات أفكار وتجارب أولئك الذين شطت بهم السفن عن الوطن الأم، موغلين بعيداً بعيداً في أصقاع الأرض..."
وعن تأثير الهجرة في الأقلام المهجرية قال الدكتور يحيى: "الهجرة هي التي فعلت فعلتها، فسطّرت أقلامهم ما سطّرت، وأبدعت ما أبدعت من فرائد أشعار وروائع كتابات...
وعن الكاتب قال: "إن هذه اليد (التي كتبت) ويا بارك الله، إن هي إلا يد صديق آثر أن يركب الصعب لما أن عزم على أن يكون له حضور هي هذا المضمار، وعجيب أمر هذا الصديق المغترب الذي هو أحد عشاق الصناعتين: الشعر والنثر، عجيب كيف ظل وفياً لبداياته مع الكلمة فأثبتت حضوره في كتاب جامع شامل أطلق عليه إسم "أقلام مهجرية"، وأنهى الدكتور يحيى كلمته بأبيات شعر وجهها إلى الكاتب حيث قال:
"جرّد يراعك، لا حسامك، وإمتشقه ولا غرابة
فلأنت نجماً ساطعاً أصحبت في دنيا الكتابة
ولأنت من حفظ التراث وصانه، شرّعت بابه
أقلام مهجرك الثلاثون التي رفعت قبابه
هي ما يدلُ على ذكائك والنباهة والنجابه".
ثم كانت كلمة راعي الحفل المهندس الحاج عفيف بزي، الذي ترحّم على الشهداء الأبرار وتحدث عن مسألتين هما: الكاتب وعنوان الكتاب.
في الموضوع الأول قال الحاج عفيف: "عرفنا الحاج كامل بزي منذ صغرنا، وله علينا حق الجيرة في حاكورة نصّ الضيعة، وحقّ القرابة، وحقّ الإيمان، الحاج كامل إنسان عصامي، يتّسم بالتهذيب والأخلاق العالية والإيمان الحقيقي والصدق في التعامل، والوفاء في الصداقة والحسّ المرهف والشفافية في العمل، والطيبة".
وبعد هجرة كامل بزي إلى ديار الإغتراب... عرفنا الحاج كامل بزي الإنسان المتفاني، المخلص، الذي لم ينس طفولته وشبابه في بنت جبيل ولا صداقاته ولا أرحامه، ومن يشاطرونه ضرورة العمل الإجتماعي والإنساني، فكان رائداً من رواد العمل والنشاط الإجتماعي، مع قلّة من أمثاله الخيّرين، حيث كان مشروع الخمسة دولارات من أهم المشاريع الأولى الريادية التي قام بها الحاج كامل مع آخرين، وإستحق أن يحمل لقب "أستاذ في الأرشفة" لما بذله من جهد بالغ في توثيق كل ما له علاقة بالمشروع.
أما في موضوع عنوان الكتاب... "أقلام مهجرية" قال الحاج عفيف بزي: "أن الحاج كامل بزي جاء ليسلّط الضوء على الأدب المهجري، على الأقلام المهجرية التي لها باع في مجالات الأدب والشعر والحديث، حيث تحدث عن شخصيات دينية وإجتماعية وفكرية كانت لها آثارها على أكثر من صعيد...
وتابع قائلاً: "أن المخزون الفكري الأساسي لكامل بزي حمله أصلاً من بنت جبيل، وهناك في ديار الإغتراب، ومن خلال نشاطه الواسع وعلاقاته المتشعبة صقل هذا المخزون وشذّبه وهذّبه..." وتابع قائلاً: "أن المساءات المعطّرة بشذى القصائد وعطر المأثورات النثرية، تركت في نفسه أثراً لا يمحى، وكانت إحدى مواد جلسات الأدب والشعر، حيث كان يصاحب أهل الثقافة والأدب".
وأخيراُ كانت كلمة المؤلف الحاج كامل بزي الذي تحدث عن تأسيس "المنتدى الأدبي الكامل" الذي كان يعقد في منزله، حيث كان ملتقى للأدباء والمثقفين، يتم خلال إنعقاد أمسياته تبادل وجهات النظر حول نتاجات الأدباء والشعراء". ولعل أهمية هذا المنتدى نابعة من أنه "لم تكن تتوافر منتديات أدبية أو ثقافية تجمع شمل الأدباء هناك". ثم عمد كامل بزي إلى جمع هذا النتاج وتبويبه وإنتقاء ما يغني منها في تأليف كتاب مستقل عنها، أطلق عليه تسمية "أقلام مهجرية".
إعتمد كامل بزي على منهج بحث دقيق "احرق خلاله شموع أربع سنوات من عمره بجهد وصبر في تأليف الكتاب "للإرتفاع بأصحاب الاقلام هذه إلى قمم مشرفة على أكثر من ساحة ثقافية في أرض الوطن وفي المهجر على السواء...". ثم تابع الكاتب حديثه قائلاً:
"لم يقتصر الكتاب على السير الذاتية أو النصوص نثراً وشعراً، بل هو مزيج من ذلك كله، حيث تضمن ثلاثين شخصية كتبت في الرثاء وآلام الغربة والوجع والفن الرائع، والنثر والشعر، وصور الغربة الحزينة..."
في ختام كلمته قدّم الكاتب الشكر الخالص لكل من منحه رعايته وإهتمامه، من الشاعر الدكتور يحيى شامي، الى رئيس بلدية بنت جبيل، والحركة الثقافية في لبنان والهيئة الإدارية للمركز الثقافي ولمديرة المركز وللحضور الذي زاد الإحتفال بهجة وحبورا.
تقرير أمين سرّ مركز المطالعة الدكتور مصطفى بزي
تصوير ريما شرارة