ربما لم يكن أحد يتخيل مثل هذا السيناريو الغريب لمباراة مصر والكونغو، المصيرية لتأهل الفراعنة إلى نهائيات كأس العالم روسيا 2018.
لكن هذه الدراما أطلقت عواطف المصريين إلى أقصى الحدود، وأخرجت من بعضهم انفعالات ربما لن يصدقوا كيف خرجت منهم، عندما يشاهدون صورهم من جديد.
أبرز لقطتين في المباراة التاريخية كانتا صورة الشاب المصري الذي بكى في المدرجات بحرقة وهو يحتضن علم مصر، بينما كانت الصورة الثانية للشاب ذي الساق الواحدة الذي رقص بشكل "بهلواني" على عكازيه.
وكان منتخب مصر لكرة القدم تمكن من الفوز على منتخب الكونغو في الجولة الخامسة قبل الأخيرة من منافسات المجموعة الإفريقية الخامسة المؤهلة لمونديال روسيا 2018، بنتيجة هدفين لهدف. وأحرز هدفا مصر اللاعب المحترف في صفوف فريق ليفربول الإنجليزي محمد صلاح.
وكان صلاح أحرز صلاح الهدف الثاني في الدقيقة الرابعة من الوقت بدل من الضائع للمباراة لتصل مصر إلى نهائيات كأس العالم بعد غياب 28 عام، ودون النظر لمباراة مصر الأخيرة مع غانا.
الشاب الباكي
حسني نصر حسين، هو شاب مصري يبلغ من العمر 23 عاماً، لم يكمل تعليمه، ويعمل مُصنّعاً للمسابح في إحدى الورش، ويصف نفسه بأنه "زملكاوي جداً"، موضحاً أنه يهوي الذهاب للملاعب لتشجيع فريقه ومنتخب بلاده.
ويقول حسني في تصريحات صحفية، إنه صُدم بعد إحراز الكونغو هدف التعادل، فلم يتمالك نفسه وأجهش بالبكاء، "أول ما هدف التعادل جه قولت خلاص، مش هنتأهل لأن غانا مستنينا هناك على آخرها".
وأعلن أشرف شيحة، صاحب إحدى شركات السياحة في مصر، أنه يهدي رحلة عمرة لهذا الشاب.
كما تقدمت جمعية مصر الخير بمبادرة تبرع لإنشاء ورشة للشاب نفسه.
شاب غير تقليدي
محمود عبد العظيم صاحب الـ28 عاماً، وهو محام حر، ويعمل في محل لبيع الملابس، كان يتابع مباراة المنتخب المصري أمام المقصورة الرئيسية في ملعب برج العرب، وفور إحراز اللاعب محمد صلاح هدف الفوز والتأهل لكأس العالم لم يتمالك نفسه من الفرحة، ليفاجَأ الجمهور والإعلاميون به وهو يجري بعكازيه فرحاً، ويقوم بأداء بعض القفزات البهلوانية.
محمود يقيم في منطقة النهضة شرقي القاهرة، وهو من مشجعي النادي الأهلي، ويصف نفسه بأنه "أهلاوي مليون في المئة"، ومعروف عنه أنه لا يترك مباراة لفريقه خارج أو داخل القاهرة إلا ويحضرها بالفعل.
عندما كان طفلاً ذا 6 سنوات، وأثناء عودته من الحضانة، أصيب في حادث عندما دهسته شاحنة كبيرة من ظهره، لتتسبب في بتر الساق اليمنى. لكن رغبته في لعب كرة القدم لم تتوقف، فكان يلعب مع الصبية في الشارع بعكازيه. وجود محمود في أرض الملعب كان نتيجة لجلوسه في منطقة ذوي الاحتياجات الخاصة، وعندما أحرز صلاح هدف مصر الأول قفز وجرى سريعاً حين تم التقاط الصورة المتداولة له، لكن بعد هدف التعادل أجهش بالبكاء، ليعود ويقفز في الهواء دون عكازيه بعد إحراز صلاح هدف الفوز والتأهل. ويقول محمود إنه لا يحب أن يكون تقليدياً، واصفاً قفزته البهلوانية بأنها لا تخرج إلا "في فرحة كبيرة جداً غابت عن مصر منذ 28 عاماً". وكان المغرِّد السعودي منذر آل الشيخ مبارك، ردَّ على أحد المغردين الذين طالبوا بتكريم محمود، قائلاً، إنه سيمنحه تذاكر وسكناً وإقامة مدفوعة، إن رغب في السفر إلى روسيا لتشجيع منتخب بلاده.
ووعد لاعب منتخب مصر السابق مجدي عبد الغني، أن محمود سيحضر جميع مباريات فريق الأهلي مجاناً في الملعب.
(هاف بوست عربي)