أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

من الفتوش إلى الكبة..."الأطباق الشرقية" عبّدت طريقهم إلى قلب أوروبا! هكذا نجحت عائلة سورية في البرتغال

الأربعاء 18 تشرين الأول , 2017 07:46 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 23,157 زائر

من الفتوش إلى الكبة..."الأطباق الشرقية" عبّدت طريقهم إلى قلب أوروبا! هكذا نجحت عائلة سورية في البرتغال

يقول مثل بشأن العلاقة بين المرأة والرجل إن الطعام أقصر الطرق إلى المودة بينهما، ويبدو أن ذلك يسري أيضا على الشعوب، حيث تمكنت عائلة سورية لاجئة من الاندماج بفضل هذه الوصفة "السحرية"!

بدأت هذه المغامرة الحياتية لعائلة سورية على أرض البرتغال، بانتشار سريع لمطعم  إثر افتتاحه في العاصمة لشبونة في سبتمبر/أيلول الماضي، ما قدم مثالا على الاندماج الناجح بين ثقافتين مختلفتين.

نجاح هذا المشروع كان فوريا، ظهر ذلك في وقوف الزبائن يوم افتتاح المطعم في طابور طويل بانتظار الحصول على طاولة أمام مبناه في سوق أرويس الشعبي بالمدينة.

فكرة المطعم تقف وراءها الصحافية السابقة فرانشيسكا غورجاو انريكيس التي لجأت إلى التمويل التشاركي لمساعدة اللاجئين السوريين على تأمين مصدر دخل لهم.
وبما أنها على دراية بالصعوبات الكبيرة التي يواجهها هؤلاء في الحصول على عمل وعلى مكان لهم داخل المجتمع، أسست فرانشيسكا سنة 2016 جمعية "باو أ باو" ومعناها، خبز إلى خبز.

هذه السيدة  البالغة من العمر 45 عاما، تقول في هذا الصدد "ما إن عرضت مشروع المطعم وشرحت أن الهدف منه مساعدة عائلة سورية، حتى انضم الناس على الفور" إلى حملة للتمويل التشاركي، مكنتها من جمع 23 ألف يورو. بهذا المبلغ أمكن تجديد ملحمة سوق أريوس القديمة وتجهيز مطبخ المطعم .

وتعبر  ليونور رودريغيز المترجمة، التي أحبت الأكل السوري الغريب بالنسبة لأهالي لشبونة، عن انطباعاتها قائلة : "كل الطعام هنا لذيذ، من الدجاج المشوي إلى الحمص. سأعود مجددا الأسبوع المقبل، هذا أكيد"، مضيفة "المكان أيضاً رائع، فكرة رائعة أن يتمكن اللاجئون من الاندماج بهذه الطريقة".

تضوع رائحة الأطباق الشرقية في المكان، ويمكن على الفور الإحساس بتميز هذا المطعم حيث يعمل نحو عشرة سوريين يروون من خلال الأطباق المقدمة إلى الزبائن القصة التي حملتهم إلى اللجوء إلى هذا البلد.

ومن بين هؤلاء يقول رأفت لوكالة الصحافة الفرنسية إن لشبونة لم تكن المكان الذي حلم بالاستقرار فيه عندما هرب من سوريا قبل ثلاث سنوات متوجها إلى مصر، ومنها بعد سنة إلى البرتغال، مضيفا "لم أكن أعرف عن البرتغال سوى اللاعبين كريستيانو رونالدو وناني. كنت أتخيلها بلدا فقيرا. كانت وجهتي هي ألمانيا في الأصل".
لكن هذا الشاب يشعر اليوم "بسعادة كبيرة" لأنه استقر في البرتغال حيث يأمل أن يتمكن أخوه الأكبر وزوجته وابنهما الصغير المقيمون في تركيا من اللحاق به.

وبشأن ظروف الحياة في البرتغال، يقول رأفت متحدثا بالبرتغالية ببطء ولكن بلغة سليمة، :"نحن مرتاحون هنا. أهل البرتغال طيبون ومتفهمون ولم نواجه أي مشكلة. شقيقتاي يمكنهما الذهاب إلى البحر بالحجاب دون أن يضايقهما أحد".

ومن بين أولئك الذين استقروا في البرتغال ويبلغ عددهم 1400 لاجئ، تمكن الثلث من الاندماج في سوق العمل، وفق الحكومة التي تقر مع ذلك بأن عروض العمل لا تزال أقل من الطلب.

ولفت رأفت الذي اكتفى بالتصريح بالاسم دون الكنية إلى أنه لا يفهم لماذا غادر لاجئون كانوا وصلوا إلى البرتغال، مضيفا "بعض أصدقائي السوريين غادروا دون أن يفهموا أن اللغة هي المفتاح لكي تجد لك مكانا في أي بلد. لم يحاولوا تعلم اللغة ولهذا فشلوا في الاندماج".

العاملون في المطعم كانوا على معرفة بفنون إعداد اليالنجي والفتوش والكبّة والبقلاوة، ولكن تعين عليهم أن يتعلموا كيف يمتثلون للشروط الصحية المطبقة في المطاعم البرتغالية.

وفي هذا الأمر أيضا، كان للتضامن الإنساني دور حاسم، إذ أتاحت لهم المدرسة الفندقية في لشبونة دورة تدريبية مهنية مكثفة للعمل في المطاعم، ومن خلال هذه الدورة، اكتشف هؤلاء بدورهم  بعض أسرار المطابخ الأوروبية.

(أ.ف.ب.)

Script executed in 0.17147588729858