أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

أيام التحرير 2000 - : اجواء ما قبل التحرير

الجمعة 22 أيار , 2009 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,991 زائر

أيام التحرير 2000 - : اجواء ما قبل التحرير

 شهد لبنان ما بعد الحادي والعشرين من أيار/مايو عام ألفين تباشير انتصار هو الأول من نوعه على العدو الصهيوني في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، فكان الخامس والعشرين من أيار/مايو عيداً للنصر والتحرير. لكن هذا الانتصار سبقته ظروف ومقدمات مهدت الطريق أمام عودة الأهالي إلى منطقة الحزام الأمني المحتلة منذ العام ثمانية وسبعين.
فقد جاء عضو حزب الليكود بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الوزراء الاسرائيلية على وقع هزيمة الجيش الإسرائيلي في معركة عناقيد الغضب عام ستة وتسعين. وبعدما زالت سكرة الفوز على حزب العمل بشخص رئيسه شيمون بيريز جاءت الفكرة، ووجد رئيس الحكومة الفائز نفسه أمام استحقاق صعب يعيد فيه هيبة الجيش الذي كسرت خاطره كاتيوشا حزب الله. فخرج نتنياهو بشعار: لبنان أولاً، ومفاده أنه بدلاً من الضغط على سوريا لتطلب من حزب الله وقف استنزاف الجنود الإسرائيليين في جنوب لبنان، يجب ضرب سلاح حزب الله ومن ثم انتزاع ضمانات أمنية من لبنان وسوريا تمهيداً للانسحاب نهائياً من الحزام الأمني.
الوسيلة إذاً مواجهة مباشرة مع مقاومي حزب الله عبر اختراق خط تواجدهم براً. مواجهة أدت إلى سقوط  المزيد من الجنود الاسرائيليين من لوائي جفعاتي وغولاني، حتى أن وحدة ايغوز المدربة على قتال حزب الله لم تستطع الصمود أكثر من عام واحد. فلجأ نتنياهو إلى نقل جنود الوحدات الخاصة عبر المروحيات العسكرية لإنزالهم داخل خط المقاومة، وفي شباط عام سبعة وتسعين قتل ثلاثة وسبعون من هؤلاء الجنود في اصطدام مروحيتين قرب الحدود مع لبنان. لم يبق إلا الاختراق من جهة البحر. إختار نتنياهو نخبة النخبة في الجيش الاسرائيلي لتنفيذ عمل أمني كبير يبدأ في بلدة أنصارية على الساحل الجنوبي للبنان، لكن عبوات المقاومة كانت كفيلة بأن تجتمع البداية والنهاية في نقطة واحدة. وهذه المرة، حملت الأقدام المبتورة لوحدة نخبة النخبة إلى نتنياهو رسالة مفادها أن القدم الإسرائيلية في لبنان باتت بحكم الميّتة.
على وقع هذا الاستنتاج جاءت الانتخابات مرة أخرى نهاية العام تسعة وتسعين، فهُزم حزب الليكود بشخص نتنياهو أمام عضو حزب العمل الجنرال المحنك إيهود باراك القادم على أجنحة برنامج سياسي عنوانه هذه المرة الإنسحاب من لبنان في السابع من تموز/يوليو عام ألفين. 
لكن أي انسحاب لن يتم إلا وفق احتمالين: الأول، انسحاب أحادي بلا أي ضمانات وهذا هو الهزيمة بعينها، والثاني إنسحاب بموجب اتفاق يضمن الأمن للمستعمرات الشمالية ويحقق كمّاَ معقولاً من المكاسب السياسية، وعلى هذا وقعت عين باراك.
كالعادة، نشطت الدبلوماسية الأميركية باتجاه دمشق. نشاط تمخضت عنه قمة ثلاثية جمعت سوريا وإسرائيل والولايات المتحدة في مزرعة شيبرزتاون بولاية فيرجينيا.
لكن المولود الذي منّى به باراك نفسه ولد ميتاً، إذ أن تمسك الرئيس حافظ الأسد بلزوم أن يمتد الانسحاب الإسرائيلي من الجولان شمالاً إلى خط الرابع من حزيران/يونيو جنوباً جعل الاتفاق باهظ الثمن. وهنا، تحول وعد باراك بالانسحاب إلى كابوس يقض مضجعه. وفي لحظة تأمل، وجد باراك ضالته في حليفٍ مجرّبٍ على مدى سنوات: إنه جيش العميل أنطوان لحد.

Script executed in 0.22229194641113