أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

نـاصـر نـادر مـن «رجـل الغندوريـة الغامض» إلى «عميل برتبة لواء»

السبت 23 أيار , 2009 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 8,322 زائر

نـاصـر نـادر مـن «رجـل الغندوريـة الغامض» إلى «عميل برتبة لواء»

ينطبع الحديث عن ناصر نادر، ابن الغندورية الممسكة بفم وادي الحجير، وادي المجازر التي سطرها المقاومون بالميركافا وجنودها، ببعض المفاجـآت وبالكثير من الغموض. تكتمل حول نادر الكثير من القصص والإشاعات، حتى صار وحده شبكة من العملاء: رصد وراقب وتابع وفجّر ونفذ.. والكثير الكثير من القصص. أما ما هو في دائرة التصديق، فهو الغموض الذي يلف خلال زياراته القصيرة إلى البلدة التي تركها وهو في عمر الصبا. ترك نادر المدرسة صبيا متوجهاً إلى بيروت حيث عمل في احد المطاعم في الشطر الشرقي منها رغم اليسر المادي للأهل. عاد إلى بلدته قبل التحرير، وافتتح فرنا للمناقيش، وهو كان قد تزوج وكون أسرة بدت ظاهريا سعيدة. فجأة، وفي احد الأيام أغلق نادر الفرن بعد التحرير ليعود إلى بيروت. وتدور الأيام، فيتزوج مرة ثانية. وهكذا غاب عن بلدته فترة من الزمن، قبل أن يعود ويتردد إليها أسبوعيا دون أن يختلط كثيراً مع الأهالي.
وفي المعلومات الدقيقة، كشفت مصادر أمنية لـ«السفير» بان تاريخ ناصر نادر مع العمالة يعود الى العام 1997، وليس كما أشيع عن انه بدأ بالتعامل بعد حرب تموز 2006. انتمى نادر لأحد الأحزاب، ووصل إلى مراكز قيادية عسـكرية عالية فيه قبل ان يجري فصله لاسباب امنية وأخلاقية. وخلال فترة عمله الحزبية، استغل نادر الخلافات الحزبية مع حزب الله لتشجيع عناصره على تزوديه بمعلومات وصورعن نقاط تابعة للمقاومـة في الضاحية، وذلك بذريعة تشكيل قـوة ضاربـة لطــرد الحزب من الضاحية. وهو فعــلياً كان يقوم بإرســال هذه المعلومات الى الموســاد، كما استغل في وقت لاحق قرابته من احد الكوادر الحزبيين لتغطية تحركاته في الضاحية الجنوبية.
وتوزع الغطاء التجاري لنادر ما بين محل لبيع الخليوي في جل الديب، وتجارة السيارات، حيث كان يسافر سنويا، ما لا يقل عن اربع مرات، إلى دول عدة منها ألمانيا بشكل رئيسي، كما انه كان يدير منزلا للدعارة في مرجعيون.
اما حول عمله الميداني فالمعلومات المؤكدة حتى الآن، تؤكد تورطه في دماء اثنين من المقـاومين قبل التحرير حيث كمنت لهم قوة اسرائيلية اثناء توجههما للقيام بعمليــة ضــد الاحتلال، كما انه قام بدور رئيسي في عملية اغتيال القائــد غالــب عوالي في الضاحية عبر المسح والمراقبة.
كما ثبت حتى الان تورطه في تدمير اكثر من ثلاثين مبنى في الضاحية الجنوبية، مما أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن خمسين مواطنا، بالإضافة إلى عشرات المراكز الحزبية عبر تحديد الاحداثيات والصور، بالاضافة الى عشرات المراكز الاخرى التي كانت تتبع للحزب الذي كان ينتمي له قبل فصله.
وأكدت المصادر الأمنية لـ«السفير» أنها وجدت أدوات اتصال وأجهزة كمبيوتر في منزله في جل الديب بعد ان دهمت فرقة من فرع المعلومات المنزل وتم تحديد مكانه في بلدة الغندورية عبر تتبع جهاز الخلوي العائد له. كما قامت فرقة اخرى من الفرع بتفتيش منزله في بلدته حيث عثر على اجهزة ارسال.
وتشير معلومات الى ان ما وصل اليه نادر بعلاقته مع الموساد الاسرائيلي تخطى بدرجات مع كان قد وصل إليه أي عميل سابق، بحيث يصح أن يطلق عليه لقب «عميل برتبة لواء».
هذا ما أظهر حتى الآن، وان أكدت المصادر عينها لـ«السفير» وجود الكثير من التفاصيل الاخرى التي لا يوجد مصلحة في نشرها حاليا حفاظا على مجرى التحقيق من جهة، ولوجود خيوط ربط مع شبكات اخرى ما تزال قيد المتابعة والتدقيق من جهة أخرى، وخاصة ما يتعلق منها بأساليب الكشف والمتابعة.
أما لناحية ظهور النعمة على ناصر، فلم يكن يظهر عليه أي ثراء مادي غير طبيعي، فمنزله الذي بناه منذ ما قبل التحرير متواضع، فيما ما هو مؤكد بالنسبة لأهالي البلدة أن الزوجة الثانية هي من ورطته في العمالة لان نادر ينتمي إلى عائلة معروفة في الغندورية ولها تاريخها، وهي من اكبر العائلات.
وفيما تلوذ العائلة المصدومة بالصمت، وحده الأخ غير الشقيق ورئيس البلدية في الغندورية محمد نادر، يدعو إلى أن تأخذ العدالة مجراها، «وإذا ثبتت إدانة ناصر فان العائلة ستتبرّأ منه وهم على كل حال يستنكرون كل ما قام به ، ويطالبون بإنزال أشد العقوبات بحقه وبحق كل متعامل مع العدوّ». ويوجه رئيس البلدية شكراً للسلطات الأمنية على ما تقوم به لحماية الوطن.
ستمر القضية كما غيرها، وأيام قليلة مقبلة، وتضيع ذكراها بين تفاصيل الحياة في لبنان، وحدهم زوجة وابنتا المذكور ووحيده، ستبقى القصة حية فيهم، سيحملون وزرها، ما تبقى لهم من عمر.

Script executed in 0.18120408058167