قالت مصادر مطلعة، الأربعاء 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، إن السلطات السعودية قامت بعمليات احتجاز جديدة، وجمدت مزيداً من الأرصدة، في إطار حملة لـ"مكافحة الفساد" طالت النخبة السياسية ورموز عالم الأعمال بالمملكة.
وتحتجز السلطات بالفعل عشرات من أفراد العائلة الحاكمة والمسؤولين ورجال الأعمال ضمن حملة التطهير التي أُعلن عنها يوم السبت 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. ويواجه المحتجزون اتهامات تشمل غسل الأموال وتقديم رشى والابتزاز واستغلال النفوذ لتحقيق مصالح شخصية.
لكن المصادر قالت الأربعاء، إنه تم احتجاز عدد آخر من المشتبه في ارتكابهم تجاوزات، مع استمرار الحملة التي يُنظر لها على نطاق واسع باعتبارها مبادرة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
يلاحقونهم هاتفياً
وذكر أحد المصادر أن محققين يتصلون هاتفياً ببعض الشخصيات الخاضعة للتدقيق؛ للتحقق من مصادر أموالهم، لكنهم ما زالوا طلقاء فيما يبدو، مضيفاً أن عدد الأشخاص الذين تستهدفهم الحملة من المتوقع أن يزيد في نهاية المطاف إلى مئات.
وكشفت مصادر لـ"رويترز" أن سلطات مكافحة الفساد جمّدت الحسابات المصرفية للأمير محمد بن نايف، وهو من بين أرفع الأفراد مقاماً في أسرة آل سعود الحاكمة، وحسابات عدد من أفراد أسرته المقربين.
وقد أُعفي الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد في يونيو/حزيران، وذلك عندما استبدله الملك سلمان بابنه محمد بن سلمان، الذي كان يشغل منصب ولي ولي العهد آنذاك وهو المسؤول الآن عن حملة مكافحة الفساد.
وقال مصرفي في بنك إقليمي، رفض الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخول له التحدث لوسائل الإعلام، إنه منذ يوم الأحد يوسّع البنك المركزي كل ساعة تقريباً قائمة الحسابات التي يطالب البنوك بتجميدها.
1700 حساب تم تجميدها
وقالت مصادر مصرفية إن عدد الحسابات البنكية المحلية المجمدة نتيجة للحملة يزيد على 1700 حساب وآخذ في الارتفاع، بعدما كان عددها 1200 حساب، وفق المعلن الثلاثاء.
وقالت المصادر إن عدداً ممن طالتهم أحدث عمليات احتجاز بينهم أشخاص تربطهم صلات بأسرة ولي العهد ووزير الدفاع الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي توفي عام 2011.
قال أحد المصادر إنه يبدو أن حملة التوقيف شملت أيضاً آخرين من المديرين والمسؤولين من مستويات أقل.
ورحب كثير من السعوديين بحملة التطهير، معتبرين أنها حملة على نهب الأثرياء لأموال الدولة، وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إن المحتجزين في الحملة كانوا "يستنزفون بلدهم لسنوات".
لكن بعض المسؤولين الغربيين أبدوا قلقهم من رد الفعل المحتمل بعالم السياسة الغامض في المملكة بتشعباته على مستوى القبائل والأسرة الحاكمة.
وواصلت سوق الأسهم السعودية الانخفاض في التعاملات المبكرة الأربعاء؛ بسبب المخاوف من التأثير الاقتصادي الناجم عن حملة مكافحة الفساد في المملكة.
ونزل المؤشر السعودي واحداً في المئة بعد نصف ساعة من بدء التداول. واستمرت أسهم الشركات المرتبطة بالموقوفين في إطار تحقيق الفساد في النزول.
وسعى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والبنك المركزي في المملكة، مساء الثلاثاء، إلى تهدئة المخاوف المرتبطة بالتحقيق.
وقالا إنه بينما يجري استهداف أفراد وتجميد حساباتهم المصرفية، فلن يتعطل العمل في الشركات الوطنية والمتعددة الجنسيات، بما فيها تلك المملوكة كلياً أو جزئياً لأفراد قيد التحقيق.
وأضافت المصادر أن سلطات مكافحة الفساد جمدت أيضا ًالحسابات البنكية للأمير محمد بن نايف، وهو من بين أرفع الأفراد مقاماً في أسرة آل سعود الحاكمة، وحسابات عدد من أفراد أسرته المقربين.
مخاوف حقوقية
شهد الثلاثاء أول ظهور علني مؤكد للأمير محمد بن نايف منذ إعفائه، وذلك في جنازة الأمير منصور بن مقرن، نائب أمير منطقة عسير، الذي لقي حتفه في تحطم طائرة هليكوبتر يوم الأحد. ولم يُعلن بعدُ سبب الحادث.
ومن بين رجال الأعمال الموقوفين في التحقيق إلى الآن، الملياردير الأمير الوليد بن طلال رئيس شركة المملكة القابضة للاستثمار، وناصر بن عقيل الطيار مؤسس مجموعة الطيار للسفر، وعمرو الدباغ رئيس مجلس إدارة شركة البحر الأحمر العالمية التي تعمل في مجال التشييد.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية الثلاثاء، إنها حثت السعودية على أن تكون طريقة مقاضاة المسؤولين الموقوفين "عادلة وشفافة".
وفي تعقيب على الحملة، دعت منظمة هيومان رايتس ووتش السلطات السعودية "للكشف فوراً عن الأسس والأدلة القانونية التي استوجبت احتجاز كل فرد، والتأكد من أن كل شخص محتجز بوسعه ممارسة كل حقوقه القانونية".
وقالت سارة ليا واتسون، المسؤولة بالمنظمة، في بيان: "رائع أن تعلن السلطات السعودية أنها تريد استئصال الفساد، لكن الطريقة المثلى للقيام بذلك هي عن طريق التحقيقات القضائية المتأنية ضد مخالفات حقيقية وليس الاعتقالات الجماعية... في فندق فاخر!".
(هاف بوست عربي)