أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

حاضرة جبل عامل تاريخ من النضالات والانتصارات

الخميس 28 أيار , 2009 08:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 4,142 زائر

حاضرة جبل عامل تاريخ من النضالات والانتصارات

علي الصغير  - الانتقاد

بنت جبيل، عروسة الجليل، وحاضرة هذا الجبل، حاضرته في كل يومياته، طابعة بصماتها في عمق تاريخه، من الثقافات الى الثورات فالمقاومات.

بنت جبيل، في التاريخ حاضرة جبل عامل، وفي حاضرها القريب عاصمة المقاومة والتحرير والمدينة الملعونة، ومدينة الانتصارين.

في التاريخ

على الرغم من وقوع بنت جبيل قبل الاحتلال تحت ولاية الإقطاع السياسي وبالرغم مما كانت تعانيه من إهمال مزمن إلا أن ذلك لم يكن ليمنعها عن العمل السياسي الذي كان يصب في خدمة القضايا العربية والقومية. لذلك كانت بنت جبيل عبر تاريخها موئلا للسياسية والسياسيين كما كانت صدى للصرخات الثورية والتحررية الآتية من الوطن العربي والعالم. فالمظاهرات التي شهدتها شوارعها منذ ثلاثنيات القرن الماضي امتدت من اليابان وقنبلتها الذرية الى كوبا وثورتها وفيتنام وحربها مرورا بكل قضية من قضايا الوطن العربي وخصوصا التحررية منها كالثورة الجزائرية، اما قصتها وفلسطين فهي في قلب القلب ومنذ بداياتها بل وقبل ذلك، ليس لموقعها الجغرافي على خط النار فقط بل للبعد العربي والقومي الذي لطالما ولد في الضمير البنت جبيلي، لذلك فقد احتضنت بيوتها لاجئي فلسطين منذ 48 ولاحقا المقاومة الفلسطينية منذ طلقاتها الأولى كما تطوع العشرات والمئات من أبنائها في صفوف تلك المقاومة وتحولت بنت جبيل إلى جبهة مشتعلة على الدوام سياسيا وعسكريا حتى الاجتياح الأول حيث تفرق مقاومو البلدة بين صفوف المقاومات الموجودة يومها خاصة بعد الخروج الفلسطيني إلى أن أتى التحرير.

بنت جبيل تكسر قيدها

شكل تاريخ 25 أيار 2000 انقلابا حادا في الحياة السياسية الجنوبية وبالتحديد في المنطقة التي كانت معروفة بالشريط الحدودي المحتل، ففي هذا التاريخ أسدل الستار عن حقبة امتدت حوالي 22 عاما من الاحتلال الأسود لقسم كبير من جنوب لبنان. ورغم أن السياسة ليست بالفن الجديد على بنت جبيل الا ان ما استقبلته بعد هذا التاريخ عن مختلفا الى حد كبير عن ما ودعته عقب اجتياح 1978، ولعل خطاب "بيت العنكبوت" الذي اطلقه السيد نصر الله خلال مهرجان الانتصار في بنت جبيل، رسم التوجه السياسي لهذه المدينة خلال السنوات القادمة حتى صارت عنوانا لحرب تموز 2006.

ونظرا لطبيعة حدث التحرير والدور الريادي الذي لعبه حزب الله لتحقيقه، فقد كان من الطبيعي ان يكتسح الأصفر القلوب كما الساحات وأسطح الأبنية فهاجت القرى المحررة بتلك الرايات التي لطالما استرقوا النظر إليها عبر شاشات التلفزة قبل أن يلحظهم عميل أو يشي بهم واشي.

وشكل مهرجان التحرير في المدينة معلما من معالم هذه البلدة، حيث ان صدى كلمات الامين العام لا زالت يتردد في كل خطبة من خطاباته، حيث رسمت تلك الكلمات تلاوين مع ما تبعها حتى اليوم.

واليوم وبعد ان احتفل التحرير بعامه التاسع، لا يبدو أن الحزب فقد الكثير من مده الجماهيري ولم تتلطخ الراية الصفراء بأي لون أخر إذا لم نقل أنها زادت اصفرارا.

المدينة الملعونة

وبناء على ما قاله سيد المقاومة في خطاب التحرير الشهير في بنت جبيل، رسمت القيادة العسكرية الاسرائيلي خطة الثأر لكرامتها المذبوحة على حدود الجار الاضعف لكيانها، فاعدت ما استطاعت من عدتها وعتادها وهيأت العالم لسحق من تطاول على جبروتها، وخلال ستة سنوات من التحضير والاستعداد، خزن الجيش الاسرائيلي ما استطاع من اسلحة دمار وتكنولوجيا وذلك في سبيل رفع علم كيانهم فوق المكان الذي شبههم فيه السيد بانهم اوهن من بيت العنكبوت.

وهكذا خلال 33 يوما اعلن الجيش الاسرائيلي عن سقوط مدينة بنت جبيل خمس مرات قبل ان يكتشف ضباطه وجندهم حجم الوهم الذي زرع في عقولهم عن هذه المدينة التي سموها "بالملعونة".

فلجأ الجيش الى "فش خلقه" عبر تكثيف غاراته الجوية وقصفه البرية للمدينة طوال ساعات طويلة مما ادى الى مسح حارات باكملها عن الخارطة اضافة الى الدمار الواسع الذي لحق بالمبنى التحتية والصحية والمدنية للبلدة، لكن كل ذلك لم يهز قيد انملة ذرة من ارادة المقاومة التي صمدت وقاتلت وانتصرت في النهاية ذلك الانتصار الذي استحق تسميته بالالهي.

المقاومة.... وجهة نظر واحدة

على أن الحديث عن حزب الله لا بد وان ينطلق أي كان موضوعه من المقاومة التي تشكل خط اليقين الابيض فيما تتفرع بعد ذلك الموضوعات الأخرى. فجماهيرية الحزب في بنت جبيل تعود الى تاريخها الذي لطالما كان وفيا مع المقاومين حيث ان هذه البلدة شكلت على الدوام حاضنا لفصائل المقاومة المختلفة ابتداء من حكم الجزار وحتى انتصار المقاومة اللبنانية مرورا بالاحتلال الفرنسي واحتضانها للمقاومة الفلسطينية لذلك لا يمكن لهذه البلدة العاملية إلا أن تكون وفية للمقاومين عند التحرير.

وإذا لم تتح فرصة سابقة للحزب لقياس حجم جماهيريته الشعبية ارتباطا بعدة ظروف، فقد شكلت الانتخابات البلدية في أيار 2004 فرصة مؤاتية له أنتجت فوزا اغلبيا للحزب في مجموع بلديات المنطقة.

بيد أن الهم الأساسي ان كان بعد التحرير او عقب انتهاء العدوان في تموز 2006، كان بعد الطمأنينة الأمنية التي تتكفل بها المقاومة، هي المطلب الأساسي للناس في هذه المنطقة منذ 1948، وهو محاولة تعويض الإهمال الفائت الذي وعدت الدولة بإزالته عبر وعود كثيرة لم ينفذ منها إلا اليسير، علما أن هذه المنطقة هي من أكثر المناطق استقرارا وتطبيقا للقوانين ودفعا للرسوم الحكومية. أما في السياسية فانه لطالما كانت مرآة تعكس أطياف الحياة السياسة في لبنان والمنطقة وحتى العالم، علما بان الانتخابات النيابية الاخيرة اثبتت بأنها لا تزال مفتوحة للعمل السياسي لأي طرف كان وهي تحتفظ بمكان كافي لأي طرف سياسي يريد ممارسة نشاطه فيها كما أنها اكبر من أن يتمكن احد من احتكار التكلم بإسمها إلا من يفوضه أهلها أو أغلبيتهم لذلك وهذا ما ظهر باحتضانها لمهرجاني التحرير الأول والخامس فيما حالت الظروف الأمنية دون أقامت مهرجانات السنوات الباقية.

ولان أبناء هذه المنطقة اثبتوا بالعمل التزامهم بمقاومة الاحتلالات ليس فقط بالتنظير وإنما عبر الممارسة"، فان الخطب السياسي للجمهور هنا ليس بحاجة إلى تعبئة أو تحريض لأخذهم إلى ثوابت في السياسة لأنهم متجذرون في هذه القناعات.

وهكذا تمر الذكرى، وتتبعها اخرى، والعين على اليوم الموعود، الذي تتحول فيه الامور نحو "الصح"، ويصبح للارض دولة، وللناس هنا حكومة رسمية، تعيش همومهم، ولا يعود المواطن مجرد رقم يحسب عندما يحين اوان الضريبة او حين يموت.

Script executed in 0.19274806976318