واجهت الدبلوماسية السعودية الأربعاء يوماً عصيباً؛ إذ تعرضت لضربة مزدوجة في الواقع، فيما ينظر إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 32 عاماً على أنه القوة المحركة وراء أخطاء السياسة الخارجية السعودية، بحسب ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية.
...بعد تراجع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، عن قرار استقالته،.
ويرى البعض أن استقالته جاءت بموجب تعليمات مباشرة من السعودية، حسب ما ورد في تقرير للصحيفة الأميركية.
وفي ذات اليوم أيضاً، أصبحت إيران المنافس الرئيسي للمملكة بالمنطقة، محط أنظار العالم، بعد مشاركتها بالقمة المنعقدة بروسيا حول مستقبل سوريا.
ويعد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان صاحب معظم القرارات الكبرى التي تتخذها المملكة. ويُتهم ولي العهد في بعض الأوساط بكونه مغامراً ومتهوراً فيما يتعلق بتوجهات السياسة الخارجية التي يتبناها في اليمن ولبنان، وكذلك في الأزمة مع دولة قطر المجاورة.
ولم تنجح تحركات محمد بن سلمان التي تستهدف زيادة حدة التوتر مع إيران، في الحد من النفوذ الإيراني في دول مثل العراق وسوريا.
كما اتهمت المملكة إيران بتزويد المتمردين الشيعة باليمن بالصاروخ الذي استهدف الرياض في وقت سابق من هذا الشهر، نوفمبر/تشرين الثاني 2017. وقد اعترضت نظم الدفاع السعودية هذا الصاروخ، ولكنه كان أكثر القذائف وصولاً إلى أعماق المملكة. وتنكر إيران تسليح متمردي اليمن.
ورغم إمكانية أن تكون المملكة على دراية مسبقة بتراجع الحريري عن الاستقالة، إلا أن القرار يعد بمثابة ضربة قاسية للمملكة، التي اتهمها البعض في لبنان بتدبير قرار الاستقالة، في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، في المقام الأول. وقد شكَّ العديد من اللبنانيين فيما إذا كانت السعودية تحتجز الحريري بالرياض.
وربما تؤدي لعبة الحريري السياسية التي تدعمها المملكة إلى ممارسة الضغوط على حزب الله، من أجل الحد من دوره في النزاعات الإقليمية، إلا أن حزب الله لا يزال يمثل قوة رئيسية في لبنان.
وقد حذَّر حلفاء المملكة المقربون مثل فرنسا ومصر من انعدام الاستقرار في لبنان، ومن تزايد حدة التوترات مع إيران. ونجحت وساطة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في إخراج الحريري من المملكة وانتقاله إلى باريس لبضعة أيام.
وبينما ألقى الحريري كلمته أمام آلاف المؤيدين في لبنان، يوم الأربعاء، كانت السعودية تستضيف اجتماعاً آخر للمعارضة السورية، التي أخفقت في الاتحاد معاً وتشكيل جبهة موحدة قبيل انعقاد جولة أخرى من محادثات السلام السورية في جنيف.
وتظل المعارضة السورية منقسمة على نفسها إلى حد كبير.
وقبيل انعقاد اجتماع الرياض بساعات، قدمت مجموعة من شخصيات المعارضة، ومن بينهم رياض حجاب، رئيس لجنة المفاوضات العليا التي شكلتها المملكة، استقالتهم احتجاجاً على ذلك، متهمين الآخرين بالرغبة في قبول الدور المستمر الذي يضطلع به الرئيس السوري بشار الأسد.
وفي روسيا، كان الرئيس فلاديمير بوتين يستضيف نظيريه من إيران وتركيا. ورغم دعم تركيا للمعارضة السورية، إلا أنها وافقت على وقف القتال من أجل الحد من العنف مع الدولتين الداعمتين لنظام الأسد، وهما إيران وروسيا. وتعد البلدان الثلاثة بمثابة الأطراف الرئيسية الفاعلة في سوريا، التي تعاني من ويلات الحرب.
وقد استقبل بوتين الرئيس السوري بشار الأسد، الإثنين 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 في سوتشي. ويسيطر النظام السوري الذي تحظى قواته بدعم الحملة الجوية الروسية... حالياً على أكثر من 50% من الأراضي السورية.
ورغم جهود المملكة وغيرها من البلدان التي تدعم المعارضة السورية، فإنه لا توجد قوة على الأرض تبدو قادرة على تنحية الأسد عن مسرح الأحداث في هذه المرحلة.
(هاف بوست عربي)