ماذا يعني "تطفل" كويكب آت من عالم آخر على المجموعة الشمسية، التي تنتمي إليها الأرض؟ إذ تأكد الآن أن الكويكب أومواموا Oumuamua آتٍ من منظومة كوكبية أخرى من مجرة درب التبانة. ذلك ما أكدته جهات فضائية وفلكية عدة، أعلنت عن نتائج أبحاثها في 21 تشرين ثاني، وتنشرها مجلة "نيتشر" البريطانية قريباً.
بالنسبة إلى الفلكيين، تكمن أهمية اكتشاف أومواموا في فتح آفاق جديدة، واسعة أكثر من أي وقت مضى، في شأن جمع معلومات أكثر دقة عن العوالم الفضائية الأخرى.
تم رصد ذلك الكويكب، ما يدعى asteroid، للمرة الأولى في 18 تشرين الأول 2017، بوساطة تلسكوب أميركي عملاق منصوب في جزر هاواي. فسمي أومواموا. ما يعني في اللغة المحلية "المرسال" أو "المبعوث". إذ أثار شكله الغريب فضول الفلكيين من أنحاء العالم، الذين يأملون من دراسة خصائصه الحصول على معلومات في شأن الكوكبات والمجرات الأخرى، وكيفية تكوّنها. هكذا، أطبقوا ملاحقته، وتمكنوا من ملاحظته 34 مرة أخرى لغاية 21 تشرين الثاني، من تلسكوبات عملاقة، بما فيها التلسكوب الأوروبي الكبير (في شمال شيلي، في أميركا الجنوبية)، إضافة إلى مسبارات فضائية عدة، تجوب الفضاء الخارجي منذ عقود.
فالكويكب "الدخيل"، البالغ طوله 400 متر وعرضه 40 متراً فقط، يشبه السيجار الكوبي، بخلاف الـ750 ألف كويكب وجرم سماوي ومذنب المحصاة لحد الآن التابعة للمنظومة الشمسية، وكلها ذات أشكال كروية أو شبه كروية. وما أثار التعجب حتى أكثر من شكل الكويكب، هو مساره، الذي لا يبدو "آبهاً" بقوانين المنظومة الشمسية ولا جاذبية الشمس، التي لا يدور حولها. فمنذ اكتشافه، لوحظ أنه يسير بشكل متقاطع مع المسارات البيضاوية للكواكب السيّارة. وفي 20 تشرين الثاني، تم تحديد سرعة مساره بـ38.3 كيلومتر في الثانية، واقترابه من الأرض لمسافة 200 مليون كيلومتر.
ويخمن العلماء أن أومواموا، الذي تكوّن قبل بضع مئات من ملايين السنين في كوكبة أخرى من مجرة درب التبانة، سيقطع مسار المشتري في أيار 2018، ومسار زحل في مطلع 2019، بينما سيغادر المنظومة الشمسية في نهاية العام 2019، متوجهاً إلى "كوكبة الفرس الأعظم". استنتج المراقبون الفلكيون أيضاً أن شدة إضاءة أومواموا، الذي يدور حول نفسه كل 7.3 ساعة، تفوق 10 مرات شدة إضاءة الكويكبات الأخرى.
المصدر: للكاتب محمد السعدي/ المدن