سأنتصر عليك أيها الخبيث رغم عنادك، أنت لا تعرف مدى صبري وقوتي سأنتصر والنصر قريب جداً”. ماتت زينا، ولم تنتصر، ماتت الصبية الحلوة بعدما احتفلت باخر عيد ميلاد صغبرتها “جوري”، نامت الأميرة ليلة امس. واستراحت من اوجاعها، لكن وجع الأمهات لا ينام ولا يهدأ.
كتبت زينا على صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي قبل اسبوع من اشتداد الوجع “كم صعب رحيل من تحب”. كانت تقصد رحيلها. وكانت تخجل أن تخبرنا عن وجعها،تخاف أن تخبرنا أنها تتوقع الأسوأ. عندما ترى جميع من يحبها يضحك. تمازحهم، لذلك لا أحد يتذكر زينا الا بابتسامتها.
آلاف المرضى مستلقون على ظهورهم، أسرّة بادرة، في عروق يدهم اليمنى يسري العلاج الكيميائي، وفي اليسرى يعدون الجلسات الباقية للنجاة، للخروج من الكابوس والعودة الى عالم الأصحاء، يفكرون باشياء جميلة، ويرسمون مستقبل بلا أورام.
لم تنل زينا الحظ الذي نالته مريضات سرطان الثدي، لم تشف نهائيا، عاودها المرض بقسوة. ذهبت الى المستشفى اكثر مما ذهبن النساء في عمرها الى صالونات التجميل، حملت الأدوية في شنطتها الى جانب أحمر الشفاه حتى لا ترعب صفيرتها من لونها الشاحب. لكنه السرطان، المرض الذي تهتز بسببه البيوت الهانئة ويخطف الأحبة على عجل، طرق بابها..
خاضت معركة شاقة ومضنية. بات الوجع أكبر، ممدّدة على سريرها، مسلوبة القوى، وآلة الأوكسجين تنفخ في فمها ربع حياة. ارتاح الآن جسد زينا الذي أتعبه العلاج الكيمائي لسنوات. لكن قلب الأم لم يمت، الأمهات لا يتخلصن من أوجاعهن في الموت. هذا الحب الخالص في قلبوهن لا يموت. ستأتي كل ليلة تتحسس حرارة “جوري”، وتشد عليها لحافها. وتحبها، تحبها وترعاها حتى تكبر.
هبة دنش