;
حصل greenarea.me على شريط فيديو يظهر “غلة” صيادين بينها غزال في المنطقة الحدودية، وذكر فيه صياد دون أن يظهر وجهه، أن صيد الغزال كان بتاريخ 28 كانون الثاني الجاري، أي قبل نحو يومين، وأثار اهتمام بعض الأوساط العلمية، خصوصا وأن الغزال كان متواجدا في هذه المنطقة قبل أكثر من أربعين سنة، واصطياده يوثق من جديد ظهوره في البيئة اللبنانية، وإن كان الاعتقاد السائد حتى اللحظة أن يكون قد تسلل من الأراضي الفلسطينية باتجاه لبنان. لا يمكن أن نتبنى إلى الآن أي وجهة نظر حيال نوع الغزال، وظروف وصوله إلى لبنان، وما إذا كان مستوطنا أم وافدا، ولذلك نضع الفيديو برسم الجهات المعنية، ليكون منطلقا لإجراء تحقيق يجيب عن كثير من التساؤلات.
بحسب ما يظهر من الفيديو، فإن “الغزال المصاب قد يكون من نوع غزال الجبل الفلسطيني Gazella gazelle”، هذا ما أشار إليه رئيس “جمعية الجنوبيون الخضر” الدكتور هشام يونس لـ greenarea.me، وقال: “تتواجد مجموعة منه في فلسطين المحتلة وينشط في الضفة الغربية والأغوار الشرقية إمتداداً الى الشمال، وهو ما يجعل فرضية عبوره الحدود، اذا ما تم التأكد من صحة الفيديو ومكانه وزمانه، فرضية قائمة الى غيرها من الفرضيات التي يجب التحقق منها في الموقع ومحيطه. خصوصا وأن حالات مشابهة سبق ان سجلت في اكثر من موقع حدودي من بينها رميش”. وأضاف يونس: “يعد غزال الجبل من الثديات المحلية، وكان لبنان والجنوب تحديدا موطنا له، وبقيت مشاهداته حتى سبعينيات القرن الماضي، وهو مدرج على القائمة الحمراء للمجلس العالمي لصون الطبيعة IUCN كنوع مهدد بالانقراض، بعدما كان في حالة عرضة للتهديد، ورفع الى مهدد بالانقراض بعدما تراجعت أعداده بشكل كبير، وتتواجد اكبر مجموعة متبقية بالبرية منه اليوم في فلسطين، وتبلغ قرابة الألفين ثم تركيا بتعداد يقارب ٢٠٠ غزال، واكبر التحديات المتسببة بهذا التراجع انحسار الموائل وتمدد البناء والصيد”. وتابع: “من الضروري التأكد وفتح تحقيق في الامر، فهذه الأنواع النادرة تعيش في مجموعات وانتقالها الى المناطق اللبنانية، إذا ما حدث، يجدر ان يحظى بالاهتمام والرعاية والحماية من قبل الجهات والوزارت المختصة البيئة والزراعة، بغية المساعدة على توفير ظروف بقائها واستيطانها والتشديد على حظر صيدها والتشدد في ملاحقة صيادوها خلافا للقانون”.
إعلان قطمون رميش محمية طبيعية وأشار إلى “اننا نحن في (الجنوبيون الخضر) نجد في استعادة غزال الجبل ولأنواع أخرى فقدتها البرية اللبنانية هدفاً أساسيا لإستعادة الحيوية الأصلية التي تمتعت بها البرية، وهي مرحلة تحتاج الى كثير من المقدمات التي تتضمن الدراسات والتحضيرات والاختبارات”، ورأى أن “عبور الحيوانات بين الحدود يتجاوز كل هذه التعقيدات ويوفر عودة طبيعية لهذه الأنواع، ولا يتطلب منا سوى الرعاية والحماية من دون تدخل مباشر”. وختم يونس: “من هذا المنطلق جاء اقتراحنا لبلدية رميش وللبيئة العمل على إعلان قطمون رميش محمية طبيعية أو حمى، حماية للموقع الذي تنشط فيه انواع أخرى تعبر الحدود الفاصلة مع فلسطين ما يتطلب الدراسة والتحقق”.
إرث لبنان البيئي وفي هذا السياق، يروي أحد المعمرين من أبناء بنت جبيل، أنه عايش الغزال في مناطق عدة من الجنوب، ما أثار فينا الفضول لاستكشاف حقيقة هذا الأمر، وهل فعلا كان هذا الحيوان الرائع يعيش بيننا؟ هذا ما تؤكده الروايات والمشاهدات المتناقلة والدراسات المنشورة حول خارطة انتشار هذه الفصيلة من الغزلان ونظامها الغذائي وبيئتها التي توفرها الطبيعة اللبنانية، وتشير المشاهدات والروايات الى وجود الغزلان في أكثر من منطقة في ستينيات القرن الماضي وحتى السبعينيات، وبشكل أساسي منحدرات حرمون ووادي التيم والسلوقي امتداداً إلى الحجير، وفي احراج عين إبل وعيتا الشعب، وامتدادا نحو مناطق شمع وبيت ليف وزبقين والحنية، وكذلك في بعض مناطق من النبطية في أنصار، حيث سميت منطقة تلة الغزلان نسبة لتواجد الغزلان فيها، وغيرها من المناطق اللبنانية. يبقى أن يكون توثيق قتل هذا الغزال، مقدمة لدراسة شاملة تلحظ التنوع البيولوجي في مناطق نائية، تمهيدا لحماية هذا التنوع, وحفاظا على إرث لبنان البيئي والطبيعي وسائر نظمه الإيكولوجية.
فاديا جمعة - greenarea.me