تفاحة الوادي، إبنة الجنوب المتجذرة بتراب بنت جبيل، عملت في الأرض حتى حفر الدهر على وجهها معالم الكدح والشقاء. ودعتها بنت جبيل بعدما رحلت تاركة ثمار خيرها تروي سيرة إحسانها في المدينة.
الحاجة تفاحة سعيد، سيدة فاضلة قاربت المئة عام، لم تكن فاعلة خير لأجل العدسات الإعلامية، بل لوجه الله أنفقت وبذلت حباً ببنت جبيل. منذ زمن بنت جامعاً على طريق الوادي و بيت آخر في وسط المدينة حولته الى مسجد وعلى نفقتها الخاصة.. ورفضت شراكة احد في بناء المسجد، لأنها أحبت أن تكمل ما بدأته معتمدة على نفسها.. فتفاحة استمرت حتى الرمق الأخير بعملها في الأرض، وبقيت عزيزة النفس مرتاحة.
خلال فترة حرب تموز لم تغادر الحاجة تفاحة منزلها، ولشدة حبها وتمسكها بالأرض فضلت بإرادتها البقاء والصمود وتنشق دخان القصف والدمار. وكانت تردد أنها كالسمكة، وبنت جبيل بحرها...لذا اعتبرت الغربة موت.
بين بيتها والمسجد الذي بنته، حفرت بيديها حفرة أوصت أن تدفن بها. وكانت تغطيها بالقش والحطب وتقول " هنا السكن الابدي"...وهناك دفنت كما أوصت.
رحلت تفاحة مطمئنة، سعيدة، لم ترزق بولد يحمل اسم، لكنها كانت.. شجرة صامدة، كانت وستبقى وإن غيب الموت جسدها، فروحها هناك كأنها تحرس الوادي والأرض والمسجد عند كل صلاة.