تحدّث الكاتب والباحث في المجلس الأطلسي ستيفان بلانك عن أهداف موسكو في الشرق الأوسط، بمعزل عن الإستراتيجيّة في سوريا فقط، مشيرًا إلى أنّ الحرب السورية اقتربت من إثارة إحتكاك مباشر بين الولايات المتحدة وروسيا.
وقال الكاتب: "من أجل معرفة المصالح والأهداف الروسية، لا بدّ من فهم الحقائق على الأرض"، موضحًا أنّ "الولايات المتحدة غير قادرة على اعتماد استراتيجية أو سياسات لتنفيذ استراتيجية معينة في الشرق الأوسط. وما يهمّ روسيا هو أن تبدو قويّة ومؤثرة على الساحة العالميّة"، وأضاف: "هناك اعتقاد في الكرملين أنّه إذا لم تلعب موسكو دورًا كبيرًا وقويًا في مناطق مثل الشرق الأوسط، فإنّها ستُصبح لا شيء".
واعتبر الكاتب أنّ الهدف الجوهري هو أن تعمل روسيا وتُشاهَد على الساحة العالمية كما تفعل الولايات المتحدة بإدارة أجنداتها الأمنية في الشرق الأوسط. وبرأي الكاتب، فإنّ النقطة تكمن بإجبار الولايات المتحدة على معاملة روسيا كقوة عالميّة وموازية لها، الأمر الذي يتضمّن التعاون الأميركي مع روسيا في الحرب ضد الإرهاب. وبغياب هذا التعاون، على موسكو أن تواجه الجهود الغربية للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، ولا تستطيع موسكو أن تكون بقبضة أجندة تمليها دولة أخرى.
ومن الأهداف الرئيسية لروسيا، تشكيل كتلة مناهضة للولايات المتحدة، على أن تضمّ أصدقاء لروسيا مثل إيران والعراق وسوريا، كما أنّه على موسكو العمل مع دول الخليج بسبب ارتفاع أسعار النفط، يكمن سبب آخر للعلاقات الروسية الخليجية عبر الإستثمار والتجارة، فبإمكان موسكو الحصول على تمويل واستثمارات للإلتفاف على العقوبات الغربية.
والأهم لأنّ موسكو تسعى للحؤول دون حصول نزاع بين شريكتها إيران وهذه الدول، أو مع إسرائيل، وفقًا لما قاله الكاتب، والذي أضاف أنّ أي صراع من هذا النوع، سيعيد الولايات المتحدة الى الواجهة ويعطيها الفرصة التي تتخبّط لتحقيقها منذ 2013، وهي إنجاز استراتيجية في الشرق الأوسط هدفها تهميش روسيا. وتابع الكاتب أنّ موسكو تسعى الى أن تبقى صديقة لإسرائيل وأعدائها "مثل إيران التي تدعم حزب الله".
أمّا عن تركيا، فقد سعت سياسات الرئيس فلاديمير بوتين في الشرق الأوسط منذ سنوات الى إصلاح العلاقات الروسية التركية، وعمل على مشاريع إقتصادية مع تركيا من خلال الطاقة (الهيدروكربونية والنووية)، وبعدها عقد عقود أسلحة مع أنقرة، بحسب الكاتب الذي أوضح أنّه على الرغم من التوتر الذي حصل بين عامي 2015 – 2016، بسبب إسقاط تركيا لمقاتلة روسيّة على الحدود السورية، فقد حافظ بوتين على علاقة شخصية قريبة من نظيره التركي رجب طيب أردوغان، كما أنّ بوتين يدعم أردوغان من أجل تأسيس نظام سياسي في تركيا يشبه ما هو عليه في روسيا.
وأكمل الكاتب كاشفًا أنّه إضافةً الى قاعدتها في طرطوس، تسعى موسكو لإنشاء قواعد في 4 دول هي مصر، ليبيا، السودان، اليمن، ويبدو أنّها تملك حرية الوصول إلى قاعدة همدان الجويّة في إيران. وستسمح هذه القواعد لموسكو بأن تصبح قوة عسكريّة في الشرق الأوسط، إضافةً الى قطع وصول الناتو الى البحر الأسود، وتخفيض قدرته على إطلاق عمليات في الشرق الأوسط أو ضد روسيا من البحر الأبيض المتوسّط والبلقان.
وختم الكاتب بالإشارة الى أنّ موسكو تسعى لاستغلال الأزمات والإستفادة منها ضد الغرب في الشرق الأوسط وأوروبا، إضافةً الى أميركا اللاتينية وأفغانستان.
(atlanticcouncil - لبنان 24)