وشقلبون، لم يهدأ لها بال، ولا هي تستقر على حال، وهي مع التاريخ والزمن في احتدام وصراع ونزاع، وأنقاض المدافن فيها لا زالت شاهدة على القديم المتهدّم والسالف المتشرذم وعلى كثرة الأجناس البشرية التي عبرت فيها وعبّرت عن انعدام الاستمرار والاستقرار في تلك البقعة من الأرض الجنوبية.
ومع العصر الحديث شهدت شقلبون دخول دبابات الاحتلال وجراراته، ورضيت بنسف كلّ بيوتها، وإخلاء كل سكانها، ولم يبق فيها إلاّ ذلك الشارع العام اللازوردي الذي طالما خفقت فيه القلوب، وتمرّد فيه الحنين إلى وصل المحبة والألفة بين عين إبل وبنت جبيل.
عشرون عاماً أو أكثر والدخان يطول عباب السماء، وحتى التراب تحول إلى رمادٍ متطاير من جراء طحنهِ ذهاباً وإياباً وبات الغروب غربة ويأساً وكآبة، والخلاء وحشة وحزناً ومرارة.
وجاءت ساعة التحرير في العام 2000، وشقلبون في زيٍّ جديد، وفي حلة قشيبة ساطعة، فهي اليوم صروحٌ شاهقة، وعمارات عالية، ومؤسسات ومدارس وبعض جامعات وأبنية بلغت حدود القرى والبلدات المجاورة، واقتحمت أراضي الغير في تحدٍ وتعدٍ لم نعرف له سابق من قبل ولكنّ العتب يبقى سراً لا يبوح به القاطنون في شقلبون، وحال تململ توجّه إلى القيمين والمسؤولين عن تلك المنطقة، فلماذا لا يلتفت هؤلاء إلى جمال تلك البقعة وجلالها، وعلى الأقل إلى إقامة رصيف للشارع العام يُعنى بحماية المشاة والمارّة والقاصدين إلى الرياضة والترويح عن النفس من السيارات والسير الذي لا يهدأ، ولا تستكين له حركة، ولماذا لا يعبأ السادة الأفاضل بإقامة بعض الأماكن هناك بغية الترفيه والراحة، ولا سيما في فصل الصيف كي تكون بنت جبيل مربعاً من مرابع الحُسن والجمال، وموقعاً من مواقع الاستجمام والانتعاش في جنوب يفتقر إلى مثل هذا الموقع الساحر البديع.