أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

تحية الى الصديق الاستاذ ابراهيم درويش

الثلاثاء 23 حزيران , 2009 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,708 زائر

تحية الى الصديق الاستاذ ابراهيم درويش

 ان تكرم من هو اهل للتكريم، أمر فيه من الدماثة ما يجعل السعادة تلفّ الجميع ، وتطلق اللسان للبوح بما يختزنه العقل،وما هو في القلب،وما يختلج في الصدر.

ان مشاعري وعواطفي هي بالفعل اقوى واصدق من كل الكلام الذي اقوله فيك، وقدرك انت ان تكون مصباحاً يضيء دروب الاخرين ،وقد ادّيت قسطك للعلى ،لكنك لم تنم ولم تقعد،ولم تستكن ولم تهدأ،رغم احالتك على التقاعد بشكل رسمي.

ايها الانسان المميز ،المكرّم،اقبلها منّي تحية صديق مكبر،تحية صادق ،لا يعرف التملّق او التزلف،فانت انسان تستحق التكريم وكل التحايا.

نحن ندرك ان ابراهيم درويش ،في تعاطيه مع الناس،وفي ادائه الوظيفي الاداري،مذ عرفناه قبل التحرير ، وحتى اليوم ،غنيّ باخلاقه ،رفيع بتهذيبه، نظيف بكفّه ،عفيف بنفسه ولسانه،عقلاني،هادئ،لا يستفز،يتقبل الرأي الاخر،يحاور بمنطق،له طريقته بالاقناع،ولا يقتنع بسهولة.

يقول هيجل:"تاريخ الانسان الحقيقي هو تاريخ وعيه بحريته".

ونحن نقول:"تاريخ الانسان الحقيقي هو في مدى تأثيره ودوره في سير عملية التاريخ الاجتماعي".

من هذا المنطلق ان ابراهيم درويش هو من اولئك الذين تركوا لنا صفحات مليئة بالطيب والعطر والشذى والعمل المميز.

ابراهيم درويش شغلته الثقافة،وشغف بها،وكان يحاول باستمرار ان ينشر طيبه الثقافي والعلمي ،اينما يكون،وهو من الرجال القلائل الذين لم  يبهرهم المركز،ولم يتراجع امام اي صعوبات ومشاكل وعراقيل.

اعطى وما ابتزّ كسباً ، وهب حياته في سبيل عائلته،وعمله الاداري الوظيفي،وسيرته الطويلة قدوة لشرف الكلمة وشموخ الموقف.

ما جفّ له قلم ،وما وهنت له عزيمة،وتحاشى ان يكون طرفاً،وآثر الاعتدال ،وهو يبحث دوماً عن الحق،فهو معه اينما يكون،واذا ساير فمن باب اللياقة والتهذيب،انما ليس على حساب مبدئه ورسالته والقيم والافكار التي يؤمن بها،ويعمل من اجلها.

ان تكريم ابراهيم درويش اليوم ،ليس تكريماً لشخصه وموهبته وعقله وفكره وعطائه ووفائه ونقائه وبلاغته وكلمته فحسب،بل تكريم للمثل العليا،للعطاء بصدق ،والسلوك القويم،والمعاني السامية والخلائق الرفيعة.

ان ابواب المجد والعلى مشرعة للمثقفين كابراهيم درويش ،ولكل انسان معطاء مثله، وهي موصدة طبعاً للجاهلين،وهو لن يخلد الى الراحة،ففي جعبته حمل كبير من العطاء ،وبين جنبيه يرتع التصميم والمثابرة.

لقد غرس ابراهيم درويش في بنت جبيل وقضائها غروساً،ستبقى خضراء،يانعة،مثمرة،معطاءة،مظللة،مزهرة ،حيّة.

ابراهيم درويش اخيراً وليس اخراً  هو صفحة في معجم مليء بالبذل والتضحية والاستقامة،يتطلع دوماً بعقله وروحه وجوارحه نحو المعرفة والعلم،وهو تواق باستمرار للاغتراف من ينابيعهما،فهو مشغوف بهما.

اليس صعباً علينا ايها الصديق العزيز ،ان تتركنا الى عمل آخر،ونحن بأمس الحاجة اليك ،والى امثالك،خاصة في ظروفنا الصعبة والعصيبة التي نعيش .

على كل طوبى لك ،اسمك سيبقى يتردد على شفاهنا،وسيبقى مكتوباً بماء الذهب في الركن المتين في قلوبنا،وعلى صفحات كتبنا.

واقول فيك ما قاله الشاعر:

 

شــرفـت بالقـدر والافــعـال ماثـلــةٌ                    وما شرفت بجني المـال والذهب

والمجــد في الناس افعــال تليق بهم                    وليس سعياً الى الالقـاب والرتـب

من عاش في كنف الدنيا وما شرفت                  في ارضه نبـتـة الابداع والعجـب

فلـن يكـون لــه فـي الارض مأثــرة                   تحيي النفوس وتذكي جذوة اللهب.

 

 

 

                                                                           الدكتور مصطفى بزي

                                                                           السبت 20/6/2009

Script executed in 0.18919086456299