كتب الأستاذ إحسان شرارة:
وداعاً للبيت الكبير
مع غياب المربية سكنه الشيخ علي شراره طُويت الصفحة الأخيرة من مسيرة البيت المميّز أباً وأُماً وأخوة تعدّت عطاءاتهم التربوية والثقافية مساحة الوطن الى بلاد الرافدين ودنيا العرب الواسعة .
كان الوالد الشيخ علي المعلّم الوحيد في بنت جبيل مع بداية عهد الإنتداب، وقد جَهِدَ أن يوفر لتلاميذه وأبنائه – وعلى قدر المستطاع – مستوى من الثقافة والإلتزام الخلقي في مجتمع فقير محكوم بالجهل والتخلف .
وكانت أم الأسرة إبنة عمّه – كريمة العلامة الشيخ موسى شراره، زوجةً فاضلةً ملتزمةً، وقفت عمرها على تنشئة أبنائها وتزويدهم بفضائل الأخلاق والدين، كانت مؤلفة من خمسة شباب وإبنتين، صغراهما الراحلة سكنه ..
كان بيت الشيخ علي شراره في بلده زاويةً مضيئةً، ونادياً أدبياً يتلاقى فيه الشعراءُ والأدباءُ والمثقفون الحالمون بالتغيير ...
أمام هذا الواقع الخانق كان على الأبناء أن يوزعوا الأدوار، ويفتحوا الأبواب المغلقة أمام طموحاتهم ... سافر كبيرهم محمد الى النجف الأشرف وانتقل حسين الى النبطية، وتبعه جواد وعبد اللطيف الى بيروت، والتحق مرتضى وأخته سكنه بأخيهما الأكبر الى العراق .
توزعت العائلة وفتح أفرادها أبواب المستقبل المغلقة كلٌّ في ميدانه وتألقت المواقعُ وزَهَتِ الأسماء :
محمد في العراق عالمُ دينٍ متجدّد، وأديبٌ، وشاعر، وحسين معلّم ٌ ومؤلفٌ وناقد، وكذلك جواد وعبد اللطيف أديبٌ وشاعرٌ ومترجمٌ، ومرتضى محام وقائمقام وشاعرٌ، وسكنه مربيةٌ ومديرةٌ وأمٌ وزوجة لشاعرٍ ثوري اسمه ابراهيم شراره .
يا أم شادي
أتُراكِ كنت تترقّبين موعدَ الفراق فرُحتِ بعيداً وعلى عجلٍ الى حيثُ يقيمون، تزورين وتودّعين : شادي ومؤنس وألحان لتغمضي بعد ذلك عينيك بحنانٍ وسكينة على أحلى الصور وأعزّ الذكريات .
إحسان شراره