كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة الجمهورية:
تغيير اللوحات، تعديل اللون، تهريبها على متن شاحنة لنقل البضائع... تتعدّد أساليب الاحتيال التي تستخدمها مافيات سرقة السيارات لتهريبها باتجاه سوريا، أمّا النتيجة فواحدة، «يشهد لبنان معدّل سرقة سيارتين يومياً منذ مطلع العام الجاري حتى شهر حزيران»، وفق ما أكّده مصدر أمني لـ«الجمهورية»، مشيراً إلى «وجود توزيع أدوار ضِمن العصابات، والتي غالباً ما يوظّفون المدمِنين كشباب الـdelivery لنقلِ السيارة المسروقة من مكانها إلى المخبأ في البقاع».
«شريط حديد»، «مفك»، «ضو القدّاحة». عدةٌ بسيطة تستخدمها مافيات سرقة السيارات، وإذا «كِعيِت» تكسر زجاج النافذة، وفي الحالتين تقلب حياة ضحاياها رأساً على عقب، خصوصاً لمن تركَ ملفاته في سيارته، أو نسي محفظة جيبِه تحت المقعد، أو «كمشة» مفاتيحِه في باب السيارة.
67 سيارة شهرياً
رياض، محمد، شنتال... تنوّعت الأسماء والشكوى واحدة: «صفّينا السيارة وتاني نهار تبخّرِت». بلغ المعدل الشهري للسيارات المسروقة في الاشهر الخمس الاولى من العام الجاري 67 سيارة. في هذا الإطار يكشف مصدر أمني لـ«الجمهورية» أنّ أعداد السيارات المسترجَعة بعد سرقتها إلى تدنٍّ مقارنةً مع السنوات الاخيرة؛ «ففي كانون الثاني من أصل 64 سيارة مسروقة إسترجَعنا فقط 15، وفي شباط من 59 إسترجعنا 11، وفي آذار من أصل 81 إسترجعنا 19، وفي نيسان من أصل 65 إسترجعنا 14. بينما في العام 2015 بلغ المعدّل الشهري للسيارات المستعادة 29 واحدة، وفي 2016 بلغ 26، لينخفضَ إلى 18 سيارة في العام 2017».
التهريب... «مواسم!»
أمّا عن الاسباب التي أدّت إلى التراجع في أعداد السيارات المسترجَعة، فيوضِح المصدر: «التوقيفات في الآونة الاخيرة لم تكن بالمسألة السهلة، غالباً ما ترافقَت مع مطاردات وإطلاق نار، لأنّ معظم أفراد العصابات من أصحاب السوابق وبحقّهم مذكّرات توقيف بالجملة». ويتابع: «إلّا انّ خطوط التهريب عادت لتنشَط على الحدود اللبنانية السورية، وعادت السيارات المسروقة لتسلكَ طريقها عبر المعابر غير الشرعية، فمعظمُ العصابات ما إن تسرق السيارات وقبل أن يتمكّن أصحابها من التبليغ تتعمّد تهريبَ مسروقاتها شمالاً باتجاه سوريا».
لمتابعة اخبارنا على واتساب:http://https://chat.whatsapp.com/27pYEONN4oVDFozzu6eUyK
كيف تعمل تلك العصابات؟
تُوزَّع الأدوار ضمن العصابة بحسب خبرةِ كلّ فرد فيها وسوابقِه، وهذا التوزيع يختلف من عصابة إلى أخرى، بحسب حجمها، أهدافِها، بالإضافة إلى خصوصية العملية المنفّذة. بصورة عامة أظهرَت اعترافات الموقوفين في السنوات الثلاث الاخيرة، أنّ لكلّ عملية سرقة رأساً مدبّراً أو «بِغ بوس»، يُخطط، يوزّع أفراد العصابة كأحجار الشطرنج، يُحدّد المسارَ الذي على السيارة سلوكه، وأبعد من ذلك يُحدّد مصير ومستقبل السيارات المسروقة، ما بين التهريب عبر المعابر غير الشرعية، أو مطالبة صاحبِها بفدية. في هذا السياق، يلفت المصدر إلى أنّ «رأس العصابة غالباً ما يكون الأحرصَ على عدم التنقّلِ، نتيجة عِلمه المسبق بأنه مراقَب وتحت أعينِ القوى الأمنية، لذا فهو يَحسب ألف حساب لأي خطوة سيخطوها، لأنها قد تُعرّضه لجملة من المخاطر».
ويشمل توزيع الأدوار، ما بين من يسرق السيارة، ومن يوصلها إلى المكان الآمن، من يُهرّبها مباشرةً عبر الحدود ، ومن يُجري عليها التعديلات اللازمة قبل تهريبها. وإن دعت الحاجة قد يُكلَّف شخصٌ ما بالتفاوض مع مالك السيارة، وغيرها من الأدوار، بحسب حجم العصابات وطبيعة خطة العمل».
أكثر من 300 موقوف
مقابل بضعِ غرامات من الكوكايين، أو لقاءَ مبلغ من المال لا يتجاوز الـ50 دولاراً أحياناً، لا يتردّد أصحاب السوابق في عرض خدماتهم على العصابات. وفي ضوء اعترافات الموقوفين: «معظم من يُديرون عمليات السرقة متموّلون بالمال والمخدّرات، ويعرفون حماية أنفسِهم، لذا يستفيدون من ضعفِ المدمنين وحاجتِهم لتأمين مسروقاتهم». في هذا السياق، يلفت المصدر الأمني إلى «أنه حتى مطلع شهر الحزيران بلغ عدد الموقوفين بتهمة سرقة السيارات 153، ومعظمهم بين جبل لبنان والبقاع. فيما يبلغ المعدل السنوي للموقوفين نحو 300 شخص متخصصين فقط في سرقة السيارات، وهذا رقم لا يُستهان به في بلد بحجم لبنان».
التبليغ على الـ 112
يشكّل الوقت العدوَّ الاكبر في عمليات سرقة السيارة، إذ في حساب السارقين «كلّ دقيقة دهب»، على اعتبار أنّ التأخر في الاستيلاء قد يُعرّضهم لفضحِ أمرهم، كذلك يُراهنون على الفترة التي تلي عملية السطو، فيوضح المصدر الأمني: «يعوّل السارقُ على عدم عِلم ضحيته بالعملية ليتسنّى له تهريب السيارة على الحواجز قبل تعميم مواصفاتها، متلطّياً بهوية مزوّرة». لذا يعتبر المصدر أنّ «سرعة استرداد السيارة من سرعة التبليغ، كلّما سارَع المواطن في الاتصال على 112، تمكّنت القوى الأمنية من استردادها أسرع، وتوقيفِ السارقين».