66 سنة مرت على يومٍ حزموا فيه حقائب السفر وهاجروا دون رجعة من كونين في جنوب لبنان إلى الأرجنتين...واليوم شدها همس أمها لها بوصية قبل وفاتها، وحنين لبركة كونين. فعادت الإبنة لزيارة البلدة والأهل. نجيه بلوط سيدة لبنانية الأصل، جمعها "فيسبوك" بأهلها في كونين، وأتت بعد محادثات "مسنجر" لتتعرف إلى لبنان من جديد.
طفلة كانت عندما هاجر أهلها، لم تكن تعرف من العمر سوى أربع سنوات. ويروى عن والدها الراحل حسن بلوط أنه كان حسن السيرة، معطاء اليد، يقول أحدهم أنه كان يبيع من ممتلكاته ليساعد غيره، إلا أنه عزم الهجرة مع زوجته بحثاً عن حياة أفضل، بعد تردي الأوضاع الإقتصادية في المنطقة.
استغرقت رحلة الهجرة في الباخرة ثلاثة أشهر، حتى وصلوا إلى بر الأمان في الأرجنتين. ويوم لم يكن التواصل يسيراً كما في عصرنا، انقطعت الأخبار، ولم يعلم أهالي البلدة بوصولهم إلى الأرجنتين إلا بعد ستة أشهر.
وللمفارقة، فإن سهولة التواصل اليوم، جمعت "نجيه" ببلدتها! يقول قريبها السيد علي أيوب لبنت جبيل.أورغ أنه تعرف على إبنة عمته "نجيه" وأختها عبر الفيسبوك، وأخبرته السيدة أنها تريد زيارة كونين لأن أمها أوصتها قبل وفاتها بأن تزور البلدة وتحضن بالنيابة عنها كل الأهل والأقارب. ولما لقيت ترحيباً من أقاربها، حجزت تذكرة لها ولإبنها، تبادلت الصور مع قريبها كي يعرفها وتعرفه في المطار، حيث كان اللقاء. ورغم كل الهواجس وكونها لا تعرف أحداً في البلدة، ولا تجيد إلا اللغة الإسبانية مع بعض الكلمات العربية، وصلت السيدة إلى كونين، استقبلتها العائلة والتقطوا "صورة من العمر". وأرسلتها لإخوانها الذي تأثروا لرؤيتها. اللافت أن السيدة تذكرت بركة كونين، وجالت في لبنان، حتى أنها أصرت على استحصال جواز سفر لبناني.
ستة أيام مدة إجازتها في لبنان، ووجدت السيدة نجيه ما أضاعته من طفولتها على طريق الهجرة، مع بعضِ من صور شقاوة الصغر...كما استطاعت أن تنفذ وصية أمها برفقة ابنها. وبعيداً عن المشكلات "الروتينية" التي نتذمر منها في لبنان، أعجبت السيدة نجيه ببلدها الأم الذي عرفته من جديد، وقد وجدت من الحب والإلفة حياة طيبة لم تعهدها من قبل. "نجيه" ستستقل الطائرة المتجهة إلى الأرجنتين وفي جعبتها صوراً جديدة، ستعيدها يوماً لزيارة لبنان.
داليا بوصي - بنت جبيل.أورغ