كتبت صحيفة المستقبل:
استكملت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن حسين عبدالله وعضوية المستشار المدني القاضي حسن شحرور وبحضور ممثل النيابة العامة القاضي رولان الشرتوني أمس، استجواب المتهمين في ملف «الخلايا النائمة» المُلاحق بها الشيخ أحمد الأسير إلى جانب 12 متهماً أُخلي سبيل ثمانية منهم وأبقي على متهم واحد موقوفاً، فيما يُحاكم الباقون بالصورة الغيابية، وهذه الخلايا قد أنشئت بعد «أحداث عبرا»، وكانت تُخطط، وفق الادعاء، للقيام بعمليات اغتيال لسياسيين وعناصر من «سرايا المقاومة» التابعة لحزب الله فضلاً عن استهداف مراكز الجيش اللبناني.
وكانت المحكمة قد استمعت في جلسة الأمس التي انعقدت قرابة التاسعة مساء، إلى إفادة الشيخ خالد حبلص بصفة شاهد، استدعته جهة الدفاع عن الأسير لمواجهته بموكلها، الأمر الذي لم يحصل، إنما «تحول إلى «مواجهة» بين الأسير ووكيليه المحاميان محمد صبلوح وانطوان نعمة وبين رئيس «العسكرية» حول «وجبة طعام»، «حُرم» منها الأسير بحيث قال «لم أتناول منذ الساعة السابعة صباحاً حتى الآن أي طعام أو دواء»».
فبعد أن أرجأ رئيس المحكمة الجلسة إلى الأول من شهر نيسان المقبل، تقدم الأسير من قوس المحكمة طالباً الكلام وشاكياً من عدم تناوله طعامه ودواءه «ما أدى إلى تردي وضعه الصحي في سيارة السوق» التي مكث فيها لساعات بانتظار أن يحين موعد جلسة محاكمته. وساند وكيلا الدفاع موكلهما، وذهبا إلى اعتبار أن «هذا الأمر يمس شرعة حقوق الإنسان»، ما أثار حفيظة رئيس المحكمة الحريص على تقديم الطعام للموقوفين والمدعى عليهم المخلى سبيلهم في كل مرة، والذين غصّت بهم قاعة المحكمة أمس بالنظر إلى كثرة الدعاوى المُدرجة على جدول الجلسات والتي فاقت الـ120 دعوى. وقاطع الأسير ليوضح له أنه طلب من آمر السوق إعادته إلى سجن روميه إلى حين اقتراب موعد الجلسة، الأمر الذي لم يحصل.
وعاد الأسير ليشكو من عدم السماح له بالصلاة كونه أُبقي في سيارة السوق، ليعود رئيس المحكمة ويوضح له أن سجن المحكمة قيد الترميم والنظارة تعج بالموقوفين، وأن ما حصل أمر استثنائي، «فنحن نسعى إلى تحسين وضع الموقوفين في المحكمة من خلال تحسين السجن». لكن الأسير مضى في اعتبار ما حصل معه يتناقض وحقوق الإنسان.
عندها استوى رئيس المحكمة في مقعده طالباً استدعاء آمر السوق لاستيضاحه عن سبب عدم إعادة الأسير إلى السجن وعدم تقديم الطعام له، وكان جواب آمر الدورية أن المسافة طويلة بين مقر المحكمة ومبنى سجن رومية، وأن الأسير لم يطلب أن يأكل. وحينها توجه رئيس المحكمة إلى وكيلي الدفاع سائلاً إياهما عن سبب عدم إحضار طعام خاص لموكلهما طالما أنهما يعلمان بأنه لا يستطيع تناول أي طعام يقدم له؟ فاعتبرا أن آمر السوق قد «ارتكب تقصيراً في ذلك».
هذا السجال استغرق أكثر من خمس دقائق وكانت الساعة تشير إلى التاسعة مساء، ما حدا بأحد المحامين الذي ينتظر منذ الصباح دوره إلى الوقوف من مكانه معترضاً على ذلك ومتوجهاً إلى رئيس المحكمة قائلاً: «إشفق علينا فنحن أيضاً نعاني من مرض السكري ونحن أهم من الأسير مع احترامنا له».
وفي إفادة حبلص (شاهد الدفاع)، قال إنه أثناء وجود الأسير في منزله في بحنين بعد فراره لم يسمع منه أو من أحد الذين كانوا يتبعون له أي شيء عن موضوع الخلايا، وأكد أنه لا يعرف المتهم الفار شاهين سليمان (المحكوم بالسجن المؤبد في ملف متفرع عن هذا الملف)، واستدرك حبلص: «قد أكون رأيته إنما أنا لا أعرفه». وأوضح حبلص أن الأسير انتقل للسكن في منزل في بحنين كما كان يتنقل بين بحنين وطرابلس، وأضاف أنه لم يلتقِ بأشخاص مع الأسير لا يعرفهم، كما لم يجلس مع «الشيخ»، بوجود أشخاص غير معروفين منه. وتابع حبلص يقول: «هذه خصوصيات لا أتدخل فيها». وأكد أنه لم يحصل أي تواصل عبر الهاتف بينه وبين الأسير خلال تلك الفترة، كما أنه لم يشاهد بحوزة الأسير هاتفاً.
وسبق ذلك استجواب المحكمة لكل من المتهمين المُخلى سبيلهم حسين الجشي ومحمد القيّم وعصام مجذوب وعمر غياض والموقوف هاني نجم الذين تراجعوا جميعاً عن اعترافاتهم الأولية لجهة الانتماء إلى الخلايا النائمة، كما أجمعوا على تعرضهم للضرب والتعذيب في معرض التحقيق الأولي معهم الذي تضمن تلك الاعترافات.
ووافقت المحكمة على طلب جهة الدفاع تعيين خبير متفجرات وخبير معلوماتية للتدقيق في المضبوطات وهي عبارة عن أسلحة وأعتدة وتسجيل صوتي للأسير.
كاتيا توا-المستقبل