"تلفزيون فلسطين يستضيف المجرم أولمرت إن لم تستحِ فاصنع ما شئت".. بهذه الكلمات وأخرى شبيهة عبَّر الفلسطينيون عن رفضهم واستنكارهم الشديد لاستضافة تلفزيون "فلسطين" رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق ومجرم الحرب "ايهود أولمرت"؛ عشية لقائه مع رئيس السلطة محمود عباس في باريس.
وظهر أولمرت على تلفزيون "فلسطين"، يوم الجمعة الماضي بعد أن التقى مع عباس في باريس، الامر الذي استفز الفلسطينيين الذي يعانون الأمرين من الاحتلال الإسرائيلي، مشددين على أنَّ الاستضافة لا تعبر عن الشارع الفلسطيني، متهمين التلفزيون بأنه أصبح بوقاً للتطبيع وللقاءات مع مجرمي الحرب.
وفي عهد أولمرت، شنَّ جيش الاحتلال عدوانًا موسعًا بدأ صباح الـ27 من ديسمبر/ كانون الأول عام 2008م وامتد لـ23 يومًا، مخلِّفًا أكثر من 1400 شهيد، وما يزيد على 4 آلاف مصاب، وفق أرقام حقوقية.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت برام الله، د. نشأت الأقطش، قال "إنَّ أولمرت خارج المشهد السياسي الإسرائيلي، وتصريحاته لا قيمة لها في الوقت الحالي، والهدف من اللقاء لم يكن سوى دعم رئيس السلطة محمود عباس"، واصفاً اللقاء بـ"التطبيل" لشخص عباس.
خبير إعلامي: تلفزيون فلسطين لا يعبر عن وعي الشارع الفلسطيني كونه اعلام مهمته امتداح شخص "عباس"
ونبَّه على أن الإعلام الرسمي للسلطة نشر تصريحات أولمرت؛ لاهتمامه بأي شيء يمدح رئيسها عباس، قائلاً "هذا ديدن الإعلام الرسمي دائماً ما يطبل للرئيس والقائد، وهذه الحالة الطبيعية لتلفزيون فلسطين؛ كونه يتبع للسلطة وإعلام الحزب الواحد".
وأشار الأقطش إلى أنَّ استضافة "تلفزيون فلسطين" للمجرم أولمرت لا يعبر عن ضمير الشارع الفلسطيني، كون أنَّ أهداف ورؤى الشارع الفلسطيني تتناقض كلياً مع ما يجري وما يبثه تلفزيون فلسطين، قائلاً "الإعلام الرسمي في الوطن العربي ومن بينه إعلام السلطة لا ينقل الواقع ولا يتحدث عن هموم المواطن (..) تلفزيون فلسطين غير مشاهد لأنه لا يعبر إلا عن أراء واهداف القيادة السياسية التي تملكه، وغالباً مشاهداته لا تزيد سواء في مشاهدة الصدفة والعمد عن 1%، واعتقد أنه لا يشاهد محتوى التلفزيون إلا من يكتب الخبر ومن يبثه".
وأضاف: الإعلام الرسمي ومن ضمنه تلفزيون فلسطين، همهم الأول والأخير امتداح الرئيس، فإذا أخطأ الرئيس برروا وإذا أجاد سوقوا له.
وندد الأقطش باستضافة القنوات العربية لمسؤولين إسرائيليين الذي يمررون رواية التضليل والكذب والخداع على الشعوب العربية والإسلامية على حساب الحق الفلسطيني، معتبراً أن ما يجري من تطبيع إعلامي يتساوق مع رؤى الأنظمة الحاكمة التي تطبع من تحت ومن فوق الطاولة مع إسرائيل.
الشعبية: تلفزيون فلسطين انحرف عن هدفه الوطني وأصبح بوقًا للتطبيع
بدورها، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين دانت إقدام تلفزيون "فلسطين" على إجراء مقابلة مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق ومجرم الحرب "ايهود أولمرت".
ووصفت الجبهة في بيان صحفي وصل "فلسطين اليوم" نسخة عنه لقاء الرئيس وتلفزيون فلسطين مع أولمرت، بـ "وصمة عار تعكس استمرار النهج التطبيعي الذي تمارسه قيادة السلطة ويمارسه التلفزيون الرسمي حتى في ذروة جرائم الاحتلال".
واعتبرت الجبهة أن تلفزيون فلسطين انحرف عن أهدافه الوطنية التي أسس من أجلها، وأصبح بوقاً للتطبيع وللقاءات مع مجرمي الحرب، في ظل التزامه ببرنامج الحزب الواحد المهيمن على القرار الوطني والذي يضرب باستمرار قرارات الإجماع الوطني التي حرّمت التطبيع ودعت إلى وقفه.
وقالت الجبهة: "لم يلتزم تلفزيون فلسطين بالتعبير عن كيان وهوية شعبنا الفلسطيني وبرنامجه الوطني، بل تحوّل للأسف إلى بوق للدفاع عن السياسات المتفردة المدمرة ولممارسة التطبيع بشكل متواصل".
كما أكدت الجبهة أن إجراء لقاء مع جزار عدوان 2008على غزة وصاحب سياسات التهويد والاستيطان وتقطيع أوصال الضفة إلى كانتونات معزولة هو بمثابة خيانة لدماء الشهداء والأسرى وكل ضحايا هذا المجرم الصهيوني الفاسد.
وأبدت "الشعبية" استغرابها بتعمّد قادة السلطة والتلفزيون القيام بهذه الخطيئة الكبرى، والترويج لتصريحات هذا المجرم وكأنها شهادة حسن سير وسلوك للقيادة الفلسطينية على تصديها لما يُسمى "الإرهاب الفلسطيني" في مواجهة الإدارة الأمريكية، فهل يستفتى رأي مجرم حرب في الرد على إدارة مجرمة ايضاً؟
ودعت إلى وقف كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، وأيضاً إلى "إعادة تأسيس تلفزيون فلسطين من جديد وفقاً للأهداف الوطنية التي انطلقت من أجلها ليعبّر عن إرادة وثوابت شعبنا".
وحذرّت من استمرار النهج التطبيعي المدمر، والذي إن استمر فلا مناص من مقاطعة كل أدوات التطبيع والمسئولين عن هذا النهج التطبيعي المدمر ووضعهم في قوائم سوداء.
في السياق، قال رئيس مركز فلسطين للدراسات الإستراتيجية إياد الشوربجي؛ "إن السلطة وإعلامها تحاول الحفاظ على شرعيتها المتهالكة في ذهن الشعب الفلسطيني، هذه الشرعية التي لم تتجدد عبر انتخابات أو استفتاءات أو أي وسيلة شرعية ديمقراطية أو حتى باللجوء إلى المقاومة وشرعيتها".
نائب في التشريعي: اولمرت قاتل وإرهابي لا يستحق اللقاء والإشادة
وندد النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عن مدينة طولكرم فتحي القرعاوي بلقاء رئيس السلطة محمود عباس مع رئيس وزراء الاحتلال السابق إيهود أولمرت، مؤكداً "أن أولمرت قاتل وإرهابي لا يستحق اللقاء والإشادة به"، مذكراً بجرائمه في حرب غزة عام 2008، وحملة الاستيطان المسعورة التي شنها في الضفة فترة توليه رئاسة الحكومة.
واعتبر القرعاوي ثناء عباس على أولمرت إساءة لدماء مئات الشهداء وآلاف الجرحى ممن كانوا ضحية جرائم أولمرت وعصابته الإرهابية.
وشدد على أن اللقاء مع قيادات الفصائل الفلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية أولى وأهم من اللقاء بشخصية إرهابية ارتكبت مذابح بحق شعبنا الفلسطيني.
استضافة اولمرت لاقت استهجاناً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي
ولاقت تصريحات أولمرت سخرية الفلسطينيين على موقع التواصل الاجتماعي "توتير"، الذين رفضوا اللقاء بين عباس وأولمرت والمقابلة التي أجراها تلفزيون "فلسطين" لاحقا معه.
وسخر علي قراقع من استقبال تلفزيون السلطة لأولمرت قائلا: "بنبارك لتلفزيون السلطة "فلسطين حسب اللوغو" لقائهم الحصري مع "ايهود اولمرت"، وانضمامهم لمجموعة القنوات الاسرائيلية الناطقة بالعربي".
وسخر مجاهد مفتاح من تلفزيون "فلسطين": " زميل صحفي يسأل: يا جماعة، وين نقابة الصحفيين عن مقابلة تلفزيون فلسطين مع أولمرت؟ ألا يعتبر هذا اللقاء تطبيعًا مع الاحتلال؟ - الحجّة ربيحة، ورغم مقاطعتها للإعلام، تخرج عن صمتها وتقول: "بهمّش، مهو أولمرت من جماعتنا.. مش مكفي إنه بدعم حلّ الدولتين".
وكتب الناشط علاء أبو ديب على صفحته في فيس بوك "تلفزيون فلسطين بسب الجبهة الديمقراطية وحماس وبعمل لقاء مع اولمرت!! معقول غيروا اسمه لعروتس شلوش (القناة الثالثة) وما خبرونا؟!".
كما، وكتب الناشط صالح الهمص على صفحته في فيس بوك "تم إجراء لقاء مع أولمرت على تلفزيون فلسطين، ماذا تبقي؟ أن تعتذر لليهود على احتلالنا لأرضهم!، إن لم تستح فكن رئيساً للسلطة".