سطّرت اللبنانية الأصل سهام الورديني اسمها في التاريخ كأول عُمدة لبلدية عاصمة السنغال، داكار، إذ تمكّنت أخيرًا من تولّي المنصب الذي طالما ظل حِكرًا على الرجال في هذا البلد الأفريقي.
انتُخِبت الورديني، 65 عامًا، عُمدة للمدنية الأفريقية، بعد حصولها على 64 صوتًا من أصل 90، خلفًا لعُمدتها السابق الخليفة صال، القابع في السجن منذ عامين على خلفية تهم فساد ينفيها أنصاره ويقولون إنها "مُلفّقة".
وتتولى الورديني، المُنتمية لحزب المعارضة والمساعد الأول للخليفة صال، إدارة مدينة داكار لمدة عام واحد، حيث ستُجرى انتخابات محلية في ديسمبر 2019.
يأتي انتخاب الورديني بعد أسابيع على تجريد وزارة التنمية والتخطيط الإقليمي في السنغال، العمدة السابق الخليفة صال، من مهامه نهاية أغسطس، بموجب مرسوم رئاسي، بعد الحكم عليه بالسجن 5 سنوات وتغريمه.
وبحسب سيرتها الذاتية، تنحدر سهام جورج الوارديني من عائلة لبنانية-سنغالية شهيرة، وهي أكبر الأخوة وارديني.
غادر والدها جورج لبنان في أربعينات القرن الماضي، في الوقت الذي كان يتم تصدير اللبنانيين إلى الدول الأفريقية الناطقة بالفرنسية، لسدّ حاجة الفرنسيين لإرسال وسطاء في عالم الأعمال إلى مُستعمراتهم البعيدة.
ومن ثمّ انتقل والدها إلى السنغال حينما كان عمره 16 سنة. والتقى بعاملة مطعم سنغالية، نشأت بينهما قصة حب غريبة بعض الشيء؛ إذ أن هذه الرابطة التي جمعت بين المسلمة ذات البشرة السمراء والشاب الكاثوليكي الأبيض لم تكن لتحظى بمباركة العائلتين.
خلال عاميّ 1947 و1948، مثّلت هذه القصة أولى "العلاقات المُختلطة" في السنغال، وكان قرار الزواج يتطلب قدرًا كبيرًا من الشجاعة في ذلك الوقت؛ لاسيّما وأن عائلة الفتاة عريقة ومعروفة بتدينها ومكانتها كأسرة مسلمة.
وعلى الرغم من هذه المعارضة، صمد الزوجان وأنجبا 10 أطفال. لكن الأب وافته المنيّة عام 1967، حين كان عمر إيميل، أكبر أبنائه الذكور، لا يتجاوز الـ 12 عامًا.
حينها، اضطرت الأم إلى إدارة أمور العائلة وإعالة أبنائها، رغم أُميّتها ومحدودية خبرتها. ومع ذلك أظهرت قدرة لافتة على الاعتناء بأبنائها، إذ حصل جميعهم -باستثناء اثنين- على شهادة البكالوريوس، وفق تقارير محلية.
واضطرت سهام إلى العمل مبكرًا كمدرسة لغة إنجليزية لمُساعدة أشقائها. وسرعان ما انخرطت في السياسية حتى أصبحت اليوم السياسية الأولى في السنغال.
دخلت المُعترك السياسي مبكرًا، بعد أن شغلت منصب النائب الأول لرئيس بلدية مدينة داكار، بانضمامها لحزب "تحالف القوى من أجل التقدم" الذي يرأسه السياسي السنغالي مصطفى نياس.