حذر مقال في موقع "هافنغتون بوست" بنسخته الفرنسية من أن مونديال قطر 2022 سيشكل ضربة لحقوق الإنسان، على خلفية التقارير التي تؤكد أن عمليات التحضير لاستضافة هذا الحدث الرياضي تتم على حساب معاناة وحياة الآلاف من العمال الفقراء بحسب ما أفادت سكاي نيوز.
وكتب كل من ريتشارد بويغي وبيير روندو وهما كاتبان مختصان في الشؤون الرياضة، في مقال مشترك بالنسخة الفرنسية، "ثمة جدل كبير حول ظروف العمل الفظيعة ومصرع الآلاف من العمال في أوراش العمل وعدم احترام الاتفاقيات الدولية وتوصيات مكتب العمل الدولي".
ويشير الكاتبان، اللذان سبق لهما أن أصدرا كتبا مشتركا بعنوان "هل ستنفجر كرة القدم"، إلى أن عددا من عمال المونديال لم يتلقوا رواتب منذ أشهر طويلة في الوقت الذي تحاول قطر تقديم صورة "وردية" عن اقتصادها وجاهزيته لإقامة الحدث الرياضي الأكبر في العالم.
وذكرت منظمة العفو الدولية، مؤخرا، أن عمالاً من نيبال والهند والفليبين لهم في ذمّة شركة "مركوري مينا" الهندسية التي تشغّلهم في قطر رواتب متأخرة قدرها 1700 يورو لكل منهم، وأضافت أن هذا المبلغ يمثّل بالنسبة إلى بعض هؤلاء العمال راتب عشرة أشهر.
وأعربت المنظمة الحقوقية عن أسفها لأنّ عدم دفع هذه المستحقّات "دمّر حياة" العديدين، كما طالبت الحكومة القطرية بأن تسدّد بنفسها هذه المبالغ لمستحقّيها.
ويوضح بويغي وروندو، في مقالهما المشترك، أن عيوب المونديال "الفضيحة" لا تقف عند هذا الحد فالطقس الحار بالبلد الخليجي دفع إلى اختيار توقيت غير معتاد لإقامة المونديال لأجل تفادي فصل الصيف، ومن شأن هذا التغيير أن يؤدي إلى إجهاد اللاعبين والنيل من لياقتهم البدنية.
فضلا عن ذلك، يطرح المقال أسئلة بشأن البنية التحتية لقطر وما إذا كانت قادرة بالفعل على استيعاب جمهور المونديال على اعتبار أن سكان هذه الدولة الصغيرة لا يتجاوزون 2.7 مليون شخص يعيشون على مساحة لا تتخطى 11 ألفا و586 كيلومترا أي ما يقارب منطقة إيل دو فرانس في باريس.
ويقول منتقدو إقامة المونديال في قطر إن هذا الحدث الرياضي العالمي ليس مجرد مباريات وملاعب، وإنما تجربة إنسانية وسياحية، فخلال مونديال 2018 مثلا تميزت روسيا على نحو كبير حين أبرزت جوانبها الحضارية الغنية أمام الزوار وهو ما يصعبُ تحققه في حالة قطر.
لكن قطر لا تتحمل المسؤولية لوحدها حسب الكاتبين، إذ يقع اللوم أيضا على المؤسسات الدولية التي سمحت بتنظيم المونديال في قطر بالرغم من توالي التنبيهات الحقوقية والرياضية، لكن هذا التأييد الأعمى للدوحة لم يكن هدية على الأرجح إذ أثيرت عدة اتهامات بالفساد في ملف المونديال القطري.
وتساءل الكاتبان في ختام مقالهما المثير حول الحدود الممكنة لهذا التجاهل العالمي لما يحصل في مونديال الانتهاكات الحقوقية "إلى أي حدود سوف نذهب" ألم تكفنا الموت ولا الفضائح التي أثيرت؟ ما الذي استطعنا تحسينه منذ ثمانية أعوام؟ وهل ستبذل قطر أدنى جهد ممكن لترميم سمعتها؟
ولأن قطر مستمرة في تعنتها ولا تولي اهتماما للانتقادات الحقوقية المتوالية فإن الخيار المتبقي بحسب الكاتبين هو المقاطعة، فهذا الخيار له مصداقية كبيرة من باب الإنسانية وحب كرة القدم التي تقام بالأساس، لأجل بث القيم النبيلة والإيجابية بعيدا عن استعباد البشر واحتقار كرامتهم.