إذا سألت أي مواطن حلبي: هل تعرف الرجل الأصفر؟... سيجيبك حتما: بالطبع، ومن لا يعرفه؟... حتى أن كل العالم شاهد "فيديو" تعذيبه منذ سنوات على أيدي خاطفيه من الإرهابيين.
فما هي قصة هذا الرجل الذي لون كل تفاصيل حياته باللون الأصفر منذ 35 سنة؟
ينتظر "أبو زكور" ابن مدينة حلب الذي يشتهر بلقب (الرجل الأصفر) قبول ترشيحه لموسوعة "غينيس" للأرقام القياسية بعد دعوة تلقاها لدخول المنافسة، حيث أوضح لوكالة "سبوتنيك" أن ما يؤخر هذا الترشح هو عهد قطعه على نفسه بألا يقدم على هذه الخطوة قبل عودة الحياة الآمنة والطبيعية للناس في سوريا كلها.
وقال: حتما سأدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية بكل سهولة، فأنا أرتدي اللون الأصفر حصرا منذ 35 عاما وهذا الرقم لم يصل إليه أحد غيري.
زيارتنا لمنزل الرجل الأصفر أدخلتنا لمستودع مقفل من الأسرار، فبرغم شهرته الحلبية الواسعة منذ عشرات السنين إلا أن أحدا لا يعرف الأسرار الحقيقية وراء عشقه لهذا اللون الذي وصل حدود الهوس، ولم يستطع أحد من قبل فك رموز هذه الشيفرات العجيبة.
فاللون الأصفر الذي يرافق حياة "أبو زكور" طوال عقود بات جزءا لا يتجزأ من حياته وماضيه ومستقبله، لا يمكن أن يحيا من دونه، فكل ملابسه، بدلاته، قبعاته، أحذيته، سبحته، نظارته وهاتفه الخليوي، لا بل حتى ملابسه الداخلية التي يمكن للمارة مشاهدتها معلقة على حبل غسيله الأصفر، جميعها صفراء اللون، حتى ليستغرب الناس كيف يحتمل الرجل هذا الكم الكبير من اللون الأصفر.
يجيب أبو زكور: "ألبس اللون الأصفر منذ 25 /1 / 1983 وهو سبب شخصي تطور مع تقدمي بالعمر أكثر وأكثر، لأتعلق بهذا اللون، وخاصة عندما وجدت أن ارتدائي اللون الأصفر يدخل البهجة والسرور في قلب كل من يراني.
ويضيف مؤيدا عشقه للونه المفضل بآية قرآنية من سورة البقرة ((قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا — قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ)).
لاقى الرجل الأصفر منذ سنوات تعاطفا كبيرا من قبل السوريين عندما ظهر في شريط مصور أثناء اختطافه من قبل المجموعات الإرهابية، حيث يظهر هذا الفيديو الشهير قيام المسلحين بإهانته وبتعذيبه جسديا ونفسيا قبل أن يطلقوا سراحه بعد أيام، دون أن يتمكنوا من إقلاعه عن إدمان لونه المفضل، ويقول حول هذا الموضوع:
"اقتادني المسلحون بعد سيطرة المجموعات الإرهابية على أحياء من مدينة حلب، إلى مكان لا أعرفه، وقاموا بتعذيبي لأيام، ولكن تم الإفراج عني بعدها، وعدت إلى منزلي، ولم أغادر وطني ولا مدينتي حلب، رغم كل القذائف والقنص والموت".
واليوم يصادف (الرجل الأصفر) الكثير من محبيه والمعجبين به من الأطفال والنساء والعائلات وكلهم يتهافتون إليه حتى يلتقطوا معه الصور التذكارية، وهو يعيش حياة هادئة بعدما تجاوز عمره السبعين، ويكسب لقمة عيشه من راتب تقاعدي يكفيه ويغنيه عن السؤال.
إذا قمتم بزيارة حلب، يمكنكم الاستهداء إلى الرجل الأصفر من دون عناء إذا مررتم بالقرب من "دار الكتب الوطنية" أو"السبع بحرات" أو "ساعة باب الفرج"، فهي أماكن يجول عليها كل يوم لشدة حبه لما تمثله من تراث حلبي أصيل، أما إذا أردتم إلقاء نظرة فما عليكم سوى مشاهدة هذا الفيديو.