أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الغازية تخلّد ذكرى شهداﺀ عدوان تموز

الخميس 16 تموز , 2009 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,491 زائر

الغازية تخلّد ذكرى شهداﺀ عدوان تموز

لكنها لم تلتئم بعد رغم مرور ثلاث سنوات على العدوان الإسرائيلي على لبنان في تــمــوز، 2006 بيد أن ما يشفي صدورهم تفكيك شــبــكــات الــعــمــلاﺀ الــتــي كـــان لــهــا دور كبير في استهداف المدنيين وسط دعـــوات الــى الاقتصاص منهم بلا هــوادة وإنــزال عقوبة الاعدام.

أطلت ذكــرى العدوان اليوم على البلدة وهي تئن وجعاً من المجزرتين الصهيونيتين اللتين وقعتا بحق المدنيين، والابرياﺀ حين شنت الطائرات الحربية الاسرائيلية في 7 و8 آب غارات متتالية، دمّرت بعض المنازل فسقط جراؤها 30 شهيدا وعشرات الجرحى.

وتعتبر الغازية واحدة من البلدات الجنوبية البعيدة عن خطوط المواجهة الأمامية، ولكنها كانت حاضرة في قلب المعركة بصمودها وضريبة الدماﺀ التي دفعتها مع جاراتها المجاورة صيدا والنميرية والغسانية وأنصار وسواها..

فالعدو أراد الانتقام منها لاحتضانها آلاف النازحين الذين تحدوا "أوامــر" الاحتلال ورفضوا النزوح شمالا.

   داخل أرجاﺀ البلدة، تبدو عجلة الحياة تــدور الــى الامــام، لم تتوقف عقارب الزمن عند المجزرتين، فقد أعاد الاهالي بناﺀ ما تهدم من مبان، وأطلالها عادت لترتفع بنيانا تضج بالحركة وتروي حكايتي الشهادة والـــولادة، فوسط البلدة وتحديدا في ساحة العين، حرص رئيس البلدية الحاج محمد سميح غدار على تخليد ذكرى، الشهداﺀ فأقام نصبا تذكاريا لهم على أنقاض المبنى الذي استشهد فيه الحاج محمد كاعين الذي دمرت الغارات الجوية منزله وتلاشى مع حجارته أثرا بعد عين، ولم يُعثر على جثمانه، فبقي بلا ضريح، حفر أسماﺀهم على صخرة حجرية صلبة تعكس "ارادة صمود ابناﺀ البلدة" كما يقول الحاج ابو احمد بدران الذي استشهدت زوجته الحاجة رقية ناصر وابنتاه زينب وليلى وخمسة من أحفاده الصغار، قبل ان يضيف "لا نريد شيئا الــيــوم سوى الاقتصاص من العملاﺀ وإنزال أقسى العقوبات بهم، وإعدامهم في المكان الــذي اسشتهد فيه، الابرياﺀ لا نريد شفقة او رحمة بهم، لقد خانوا الوطن وباعوا ضمائرهم باسعار بخسة".

وأضـــــاف "كــلــمــح الــبــصــر.. مــرت سنوات ثلاث وكأنها الامــس، الحزن يلف الــمــكــان، وأطيافهم لا تفارق مخيلتي، ذكرياتهم ماثلة أمامنا كل يوم، نتذكرهم، نتوجع، تدمع عيوننا على الفراق، لكننا نسلم بمشيئة الله، ونتمسك بـــارادة الحياة وبالمقاومة والصمود في الارض"، اسرائيل "تريد ان تقتلنا والله يكتب لنا الحياة من جديد".

ويجمع أبناﺀ البلدة انه رغم الجراح ودماﺀ الشهادة والتضحيات الجسام، الا ان المقاومة استطاعت ان تلحق الهزيمة بالعدو الصهيوني مرة تلو اخرى، أفشلت مخاض مشروع الشرق الاوســط الاميركي الجديد، انتصرت المقاومة فــي تموز 2006 وتحقق "الوعد الصادق" في تموز 2008 واطلق سراح جميع الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية، وفي مقدمهم سمير القنطار وعادت رفات الشهداﺀ اللبنانيين والفلسطينيين على حد ســواﺀ وتمضي الاجــهــزة الامنية في عملية تفكيك شبكات العملاﺀ والقاﺀ القبض عليهم فــي انــتــصــار امني جديد، لترتفع دعوات عالية النبرة الى إنزال أقسى العقوبات بحقهم وتنفيذ حكم الاعــدام في المكان الذي سقط فيه الشهداﺀ.

ويقول حسين غدار "يجب الا نسقط من حساباتنا دوما السعي الى معاقبة" اسرائيل "انها شر مطلق والعدوة الى الابد، لن نغفر للعملاﺀ خيانتهم يجب ان يشربوا من ذات الكأس المرة ليذوقوا نفس اللوعة وتحترق قلوبهم على ما فعلوه بنا"، بينما يطالب المختار علي محمد خليفة الذي استشهد شقيقه أحمد وزوجته ابتسام العريبي الدولة بان تبلسم جراح ذوي الشهداﺀ بالحكم على العملاﺀ سريعا ودفع ما يتوجب عليها من تعويضات مالية، قائلا "لقد قبضنا الدفعة الاولى وننتظر الباقي، نريد اعادة بناﺀ منازلنا كي نعيد الحياة اليها من جديد".

ويتناقل الاهالي روايات الولادة والشهادة، فعيون عائلة آل كاعين ما زالــت تدمع حزنا وتحترق قلوب افــرادهــا حسرة، اذ ان رب العائلة الحاج محمد كاعين "ابوعلي" هو الوحيد بين الشهداﺀ الذي لم يتم العثور على اي اثر له، بينما باسمة ناصر التي فقدت وزوجــهــا احمد بدران أولادهما الأربعة: حنين (16 عاماً)، منال (15 عاماِ)، علي (12 عاماً) وحسن (10 أعــوام)، عــادت تبتسم للحياة بعد ان منّ الله عليهما بمولود ذكر عباس "أبو الفضل".

وبحقد لا يوصف وغارات وحشية، قطعت "اســرائــيــل" نــســل عائلة الحاج محمود احمد خليفة (كاظم)، استهدفت منزله الكائن في حي "البشرون" عند الطرف الغربي للبلدة، فاستشهد ومعه زوجــتــه ابتسام دعبول واولادهما الثلاثة: حسين، احمد وفاطمة ومعهم الحاج محمود دعبول وزوجته عبدة نصرالله، فيما خديجة كامل حجازي استشهدت طفلتها ملاك بين يديها، وأجهضت وهي حامل في شهرها الثاني لتعيد بسمة الحياة بوليد.
 

Script executed in 0.1802990436554