حفل ثقافي متميز شهدته مدينة بنت جبيل برعاية وحضور رئيس اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل المهندس / الحاج عطا الله شعيتو ، فعاليات ثقافية وتربوية وبلدية من بنت جبيل ويارون وعيناثا وغيرها ، والكاتب صبحي أيوب وعائلته ، وأمين سرّ وأعضاء مركز المطالعة والتنشيط الثقافي في بنت جبيل وأمينة المكتبة ، وعدد من السيدات والآنسات المهتمات بالكتاب وبالثقافة .
الحفل أقيم في قاعة المربي المرحوم محمد خليل عجمي .
البلداية كانت مع النشيد الوطني اللبناني ، ثم تقديم من عضو الهيئة الإدارية للمركز الأستاذ غسان بزي ، الذي رحب بالحضور وقال : " نلتقي بكم مجدداً على بيدر العطاء ، بيدر صبحي أيوب ابن بلدة يارون المجاهدة التي قدّمت للوطن الشهداء والأدباء والعلماء ، وعالم الاغتراب يشهد لعطاءات ابنائها المغتربين .
وها هو صبحي أيوب الروائي القصصي والشاعر يأتينا حاملاً محمّلاً من حواكيره الواسعة سلالاً وغلالاً ، لعلّ أدسم ما فيها لغته الحقيقية النضرة المزدهرة بسمن وعسل وقمح ما علق في الذاكرة الطيبة ، من حكايات وروايات وقصص هدلت بها وهزجت أمهاتنا وجداتنا .
صبحي أيوب ، ابن الثمانين ، جهد على نفسه ، وأثبت قدرته على تحدي الصعاب من فقر وعوز وشظف عيش ، وما زال ثابتاً مصراً على تغذية الفكر والحضور الإجتماعي والثقافي والأدبي ، حتى ارتقى إلى مستوى لائق من الإلمام باللغة وأصولها بالرغم من تحصيله العلمي المحدود ، فكان له سبعة مؤلفات في الرواية والقصة القصيرة والشعر .
نجد في قصائده الغزل والمديح بالشهداء والمقاومين وهو القائل : " سأكتب كلماتي بدمي ، ويصبح حاضري ومستقبلي صرخات حسينية " .
وجدانياته هي مساكب ورد يقطف منها الأحبة ما يطيب لهم من الأشكال والألوان ، قصائده سُكبت من روحه ليرشفها كل من يتذوق الشعر بألوانها الإبداعية الحرّة " .
ثم كانت كلمة لرئيس بلدية يارون الحاج علي تحفه الذي قال : " نلتقي اليوم بعد طول غياب ونجتمع وإياكم للوقوف على شهادة مولود سابع جديد ، وقنديل ضوء يبدّد الظلمة ويكشح عتمة الطريق ، فنسير وادعين مطمئنين في دروب الضيعة وحاراتها الجميلة ، عبر كلمات تمخر عباب الروح ، فتشعل فينا نبض الزمن الماضي وحكاياته التي لا تنسى ، وإذ بالتاريخ يمتزج بالحضارة والأدب والثقافة وأجراس الكنائس وآذان المساجد ، فيرثّل آيات الانتماء لوطن نزف طويلاً ، لينتفض مع مداد قلم ، معلناً أن لا استسلام ، عبر كتاب كلماته وفصوله وصوره الجميلة تشعّ بالضوء وتنضح بالمحبة والبساطة والحياة الهادئة مثل قرانا الوادعة .
وان كان ما نقرأه اليوم من حروف يخيّم عليها الحزن ، إلاّ أنّنا نجدها ترسل ذبذبات الأمل والصمود والحلم الجميل ، واللغة لغة الناس التي تحكي همومهم ، حنينهم ، شوقهم ، وجعهم ، آلامهم ، أحلامهم ، خوفهم ، آمالهم ، لغة ترصد تفاصيل يومياتهم ، تحكي عمر الإنسان لأجل الانسان ...
وعن الكاتب صبحي أيوب قال : " وان كان حظ صديقي قليل في نيل العلم وتلقي المعرفة في المدارس ومعاهد التعليم ، إلاّ أنّ قسوة الحياة صقلت لديه موهبة الكتابة ، فأجاد صياغة الحرف وأتقن سبك المعاني لما يملكه من صبر وجلد ، وما يقوم به بطول أناة ، وما يختزنه من خمائر البيان والصور الجميلة " .
ثم كانت كلمة للدكتور عبد المجيد زراقط جاء فيها : " نتوقف لدى عتبة الكتاب الأساس وهي العنوان : " نار الرماد " فبم ينطق هذا التعبير ؟ الواضح أن هذا التعبير / العنوان يثير سؤالاً مفاده : الرماد هو ما يتبقى من النار بعد أن تخمد ، فكيف يمكن أن تكون له نار ؟ والرماد هو الرمز الدّال على الانطفاء وفقد القيمة ، فكيف تكون له نار ، وهو الرمز الدال على الاشتعال والدفء والضوء والفاعلية ؟ نعود إلى الكتاب لنتبيّن الإجابة فنقرأ : فالليل أصبح جامعاً ، ما بين أمسي وغدي ، في هذا الليل الجامع أمسه وغده يخاطب قلبه : " قد غدوت في صدري رماداً ، ولا نار في يومي وغدي " ...
تبقى في الذات جمرات وإن غطّاها الرماد ، هي الروح الحيّة النابضة ، وإذ تعصف رياح الحياة ، تتوهج الجمرات الغافية ، رؤى أنضجها طول كون للنار تحت الرماد ، فتتمثل هذه الجمرات الرؤوى نصوصاً أدبية قصيرة كأنّها قطع الجواهر الصغيرة التي تزين العقود ، فتأتي ، كما جاء في شذرة " لغتي رصاص " لغة قوم أتقياء ، انقياء ، لغة مقاومة صمدت وانتصرت ...
واستفاض د. زراقط في تحليل ما جاء في " نار الرماد " للكاتب صبحي أيوب ليبني بقوله : " وإذ تتكشف هذه النار، يعلن إطلالة الفجر ، هيّا يا أخي ، هيّا إلى الكفاح ، هو ذا الفجر ، أطلّ ولاح ، وليكن جهادك نوراً ، وناراً في كل ساح " هذه هي نار هذا الكتاب ، نار الجهاد والتي تحرر الأرض والإنسان ... "
ثم كانت كلمة المؤلف صبحي أيوب الذي اختصر قائلاً : " أنا لا أجيد البكاء على الأطلال ولا على الماضي النواح ، فأنا مقاوم ، شاهرٌ بندقيتي أدافع عن أرضي وعرضي ونهجي وتراث أمتي ، فأنا ثائر ، مقاتل في كل مدينة ودسكرة وساح ، في فلسطين الحبيبة ، في العراق المجيد ، في سوريا الأبيّة ، في لبنان العنيد ، وفي اليمن السعيد ، وشهادة أطفاله وأنين ووجع صغاره ، وإباء شيبه وشبّانه ، يقاتلون حفاة بشجاعة وتضحية وفداء ، يهللون ويكبرون . الله أكبر الله أكبر حيّ على الكفاح . "
في الختام كانت كلمة الرعاية لرئيس اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل المهندس / الحاج عطا الله شعيتو حيث ألقى كلمة وجدانية مؤثرة تحدث خلالها عن المرحومة والدته في آخر لحظات حياتها ، وكان للكلمة تأثير نفسي وجداني لدى الحضور " .
انتهى الإحتفال بتوقيع الكتاب وحفل كوكتيل .
تقرير أمين سرّ مركز المطالعة الدكتور مصطفى بزي
تصوير ريما شراره