لليوم الثاني على التوالي، واصَل أمس أهالي ثانوية الآباء الأنطونيين وتلامذتها وأساتذتها تحركهم رفضاً لمخطط إمكانية تأجير الثانوية لإدارة الليسه عبد القادر، التي شهدت بدورها وقفة إعتراضية من الأهالي رفضاً لنقل المدرسة الى بعبدا. في هذا الإطار، قال مصدر مسؤول لـ"الجمهورية": "دعسة ناقصة تُسَجّل في مسيرة كل من الصرحين التربويين نتيجة الطريقة التي تتم فيها إدارة الملفين، والاجواء المتشنجة التي خلقتها، وانعدام الثقة الذي بثّته". في هذا السياق علمت "الجمهورية" انّ اجتماعاً سيعقد صباح اليوم للهيئة التعليمية في الانطونية، لدعوة التلامذة الى مواصلة عامهم الدراسي يوم الاثنين المقبل، وذلك نتيجة التطمينات التي تلقّتها بأن لا أحد سيُرمى خارجاً.
"رضينا بالهَم والهَم ما رِضي فينا". عبارة تختصر معاناة أهالي أكثر من 1900 تلميذ في الليسه عبد القادر- فردان، ونحو 430 تلميذاً في ثانوية الآباء الأنطونيين في بعبدا، الذين تكبّدوا معاناة الاقساط والقرطاسية والزي المدرسي، وما استجَدّ من زيادات بفعل سلسلة الرتب والرواتب، ظنّاً منهم أنهم يؤمّنون أفضل مستويات العلم لأولادهم، من دون أن يفكروا للحظة أنهم مهددون بالتخلي عن المقاعد الدراسية.
"عيب عليكن"
بصرف النظر عمّا ستؤول إليه المفاوضات بين الرهبانية الانطونية وإدارة الليسيه عبد القادر لتأجيرها المبنى، وبصرف النظر عمّا إذا كانت النيّة من تحويل الليسه إلى برج سكني أو مول، فإنّ ما يدور هو أشبَه بحرب نفسية وصفعة تلقّاها الأساتذة والاهالي والتلامذة على حد سواء، لأنهم يعيشون أسرى البيانات والتسريبات من دون معرفة حقيقة مصيرهم ليتسنى لهم ترتيب أوضاعهم.
"أكلت الضرب" تقول رلى، وهي أم لولدين نقلت أحدهما حديثاً إلى مدرسة الانطونية، فتوضح لـ"الجمهورية": "نقلتُ ابني البكر إلى الانطونية "أطمَن بال" إستعداداً للشهادة المتوسطة، ولم أفكر للحظة أنه قد يلازم المنزل لأيام نتيجة المعركة القائمة". وتسأل: "طالما أنّ للرهبانية نية في تأجير الصرح أو بيعه، لماذا تفتح أبوابها وتستقبل الناس من الأساس؟".
حال بقية الامهات ليست أفضل من حال رلى، فلكلّ واحدة قصتها سواء في الليسه عبد القادر أو في الانطونية، كل عائلة متمسّكة في المدرسة التي ترَبّت فيها أو دفعت "دَم قَلبا" لتسجيل ولدها. وحيال صلابة موقف الاهالي وغضبهم العارم، يبدو الاساتذة أكثر ليونة رغم شعورهم بالغبن والخوف من خسارة لقمة عيشهم وتلاميذهم، إلّا انهم في قرارة أنفسهم يُراهنون على أنّ إدارتهم لن تخذلهم وستؤمّن لهم البديل، إنطلاقاً من روح المسؤولية "المفروض" أن تتحلى بها.
في هذا السياق، يقول أستاذ في الانطونية رفض الكشف عن اسمه: "وعدتنا الإدارة أنها ستؤمن لنا مبنى مغايراً بديلاً إذا تمّت الصفقة بين الانطونية وعبد القادر، وتحديداً في جناح من المعهد الانطوني، ولكن من يضمن انتقال التلامذة معنا وعدم نفورهم؟".
في الكواليس...
"هون هون هون... الليسه باقيه هون"، بُحّت حناجر الاهالي والتلامذة أمس وهم يُناشدون عند بوّابة الليسه هند رفيق الحريري، التي تملك العقار، للحفاظ على المدرسة كونها إرث الشهيد رفيق الحريري ومن أوجه بيروت التراثية والثقافية. كذلك توجهوا إلى الرئيس المكلف سعد الحريري بالقول: "الليسه إلنا والسما زرقا"، وغيرها من العبارات.
تعود نقمة الاهالي إلى اللحظة الاولى التي أدركوا فيها أنّ عملية البحث عن مبنى بديل لعقار الليسه عبد القادر قد انطلقت، وما إن علموا بأنّ "طبخة" تُعَد بين إدارة الليسه والرهبانية الانطونية حتى تواصلوا مع أساتذة ثانوية الانطونية والاهالي ونقلوا إليهم إمكانية ترحيلهم ورميهم خارجاً، بسبب صفقة بين الإدارتين وتأجير ثانوية الانطونية على نحو 27 سنة، عندها بات الاهالي والاساتذة حذرين ومتيقظين.
في هذا السياق، يروي مصدر مطّلع عن كثب على الملف لـ"الجمهورية": "منذ مدة قصيرة زار وفد من المهندسين الفرنسيين مدرسة الانطونية التي تتسع في الاساس لنحو 1500 تلميذ ولكن لا يشغلها إلّا نحو 430 تلميذاً.
وبعدها، زارت رئيسة مؤسسة الحريري سلوى السنيورة المدرسة، شعر حينها الاساتذة والموظفون، الذين يصل عددهم الى نحو 50 شخصاً، بأن شيئاً ما يُحضّر. حاولوا الاستفسار من الإدارة إلّا انّ هذه الاخيرة لم تكن أبداً في أجواء ما كان يُعد للثانوية، ونقلت عتبها إلى الرهبانية العامة التي أكّدت بأن لا شيء محسوماً حتى الآن، لذلك لم تكن بعد وضعت المعنيين في الأجواء".
ويتابع المصدر: "خطوة تأجير المدرسة قد تُسَرّع في رفع الارباح الخاصة بها نحو مليوني دولار سنوياً، ولكن في الوقت عينه تضع حداً لإمكانية ازدهارها ونموها بهويتها ورسالتها التي بدأت تتطور مع تزايد عدد طلابها التدريجي ولو بشكل متواضع"، مشيراً إلى انّ "فكرة التأجير وردت بعدما تردد أنّ إدارة الليسه تبحث عن قطعة أرض للإستثمار كبديل عن العقار في فردان، نظراً إلى انّ إمكانية العمار ستحتاج لوقت طويل، وفي الوقت عينه انّ 75% من عقار ثانوية الانطونية غير مُستفاد منه".
(ناتالي اقليموس-الجمهورية)