يحتلّ سرطان المثانة المرتبة السابعة بين أكثر السرطانات شيوعًا عند البشر، ويشكِّل بمفرده 5% من مجمل الأورام الخبيثة.
في العام الماضي، شُخِّصت 500 ألف حالة جديدة من سرطان المثانة وتسبَّب بنحو 150 ألف حالة وفاة، وهو أكثر شيوعًا عند الرجال بشكل كبير مقارنةً مع النساء، وعند البيض أكثر من السود، والعمر الوسطي لوضع التشخيص هو 65 سنةً.
لحسن الحظ، فإنّ 85% من سرطانات المثانة تكون موضَّعةً وغير منتشرة عند التشخيص، وقرابة 15% فقط تكون منتشرةً خارج المثانة.
من أهم عوامل الخطورة للإصابة بسرطان المثانة:
التدخين عامل الخطورة الأهم للإصابة بسرطان المثانة، فهو مسؤول عن أكثر من نصف الحالات، ويزيد احتمال الإصابة عند المدخّنين 3 أضعاف على الأقلّ.
بعض المواد الكيميائيّة المستخدمة في الصناعة، كالبنزيدين والزرنيخ والأصبغة والمطاط.
التقدّم بالعمر، والعِرق الأبيض، والتاريخ العائلي.
الالتهابات المزمنة في المثانة والتخريش المستمرّ الناتج عن الحُصيّات والقثاطر والأجسام الأجنبيّة.
بعض الاضطرابات الجينيّة، كالخلل في الصبغي 9 والصبغي 11 وغياب المورثة p53.
أهمّ أعراض سرطان المثانة: البيلة الدموية العيانية غير المؤلمة، وتوجد عند نحو 90% من المرضى، الأعراض البوليّة السفليّة التخريشيّة كتعدٌّد البيلات والزحير، وفي حال انتشار الورم فقد تظهر أعراض أخرى كالانسداد البولي وسوء الحالة العامة والتعب والوهن العام.
90% من أورام المثانة هي من نوع سرطانة الخلايا الانتقاليّة-Transitional Cell Carcinoma، وهناك أنواع أخرى أندر بكثير، مثل السرطانة شائكة الخلايا-Squamous Cell Carcinoma والسرطانة الغدية-Adenocarcinoma والساركوما-Sarcoma، أمّا من ناحية الشكل، فأورام المثانة إمَّا أن تكون حُلَيْميّة-Papillary Carcinomas أو لاطِئة (مسطَّحة)-Flat Carcinomas.
يختلف علاج سرطان المثانة بحسب مرحلة الورم والحالة الصحيّة للمريض؛ يمكن استئصال الأورام السطحيّة غير الغازية عن طريق التجريف عبر الإحليل-Transurethral Resection of Bladder Tumor، أمّا الأورام الغازية للعضليّة فتتطلَّب استئصالًا جذريًّا للمثانة، وفي بعض الحالات تُحقَن بعض المواد الكيميائية ضمن المثانة لتخفيف احتمال نكس وترقِّي الورم.
بالعودة إلى الإحصائيات المذكورة في بداية المقالة، نلاحظ أنّ سرطان المثانة هو سابع ورم من حيث الشيوع في دول العالم، ولكنّه أكثر شيوعًا من ذلك بكثير في عدد من الدول الإفريقيّة والعربيّة حتى أنّه قد يكون الأكثر شيوعًا على الإطلاق في بعضها.
في المنطقة العربيّة، يُسجَّل انتشار كبير لهذا الورم الخبيث في مصر وسوريا والسعودية والأردن ولبنان وفلسطين، فما السبب وراء ذلك؟ وما هو التفسير العلمي لهذا الانتشار الكبير المُخالف للنسبة العالميّة لتوزّع الأورام الخبيثة؟
السبب الرئيسيّ يعود لانتشار الإصابة بالبلهارسيا أو داء المُنشقَّات-Schistosomiasis.
ينجم هذا الداء عن الإصابة بديدان المنشقَّات الدموية، هذا المرض يحدث في البلدان الحارة ويصيب تقريبًا حوالي 350 مليون شخص حول العالم، وهو شائع جدًّا في المنطقة العربية وخصوصًا في الدول سابقة الذكر.
يصاب الإنسان عندما تخترق اليرقات المُشوَّكة الموجودة في المياه الملوثة الجلدَ وتدخل إلى الدورة الدموية وتستقرّ في الضفيرة الوريديّة للمثانة، وتعيش وتنضج هناك وتتكاثر وتضع بيوضها في جدار المثانة. أهمّ الأعراض التي تحدث نتيجة غزو المثانة: بيلة دموية وعسرة تبوّل وألم أسفل البطن وإنتانات ثانويّة، ويُوضَع التشخيص اعتمادًا على الأعراض السريرية والفحوص المخبريّة والاستقصاءات الشعاعية وتنظير المثانة، ويُعتبَر اكتشاف البيوض في البول هو التشخيص المؤكِّد.
إنّ الإصابة المزمنة بدودة البلهارسيا تؤدّي لتخريشٍ التهابيٍّ مستمرٍّ في المثانة، وتؤهِّب للإصابة بسرطان المثانة من النوع شائك الخلايا SCC، ويحدث السرطان بعد 10 سنوات من الإصابة بشكل وسطي.
يتميّز السرطان شائك الخلايا في المثانة بأنَّه أسوأ إنذارًا من السرطانة انتقالية الخلايا وعلاجه أصعب، ففائدة التجريف عبر الإحليل محدودة، ولا يستجيب عادةً لحقن المواد الكيميائية والأشعة، والعلاج الأكثر فعاليّة هنا هو استئصال المثانة الجذري مع إجراء تحويل بولي.
من الخطوات الهامة للوقاية من داء البلهارسيا: التثقيف والتوعية العامة حول الأسباب وطرق العدوى، والاهتمام بأنظمة الريّ ومياه الشرب والظروف الصحيّة العامة.
وفي حال الإصابة بالمرض يجب علاجه بفعالية وسرعة لمنع حدوث الإزمان والترقي للسرطان. تتوفَّر حاليًّا العديد من الأدوية التي أثبتت فعاليةً ونجاحًا كبيرًا في علاج داء البلهارسيا منها : برازيكوانتيل Praziquantel، ميتري فونات Metri Fonate.
وكالات