أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

جنبلاط يكمل انقلابه على 14 آذار: «إلى اليسار در»!

الإثنين 03 آب , 2009 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,961 زائر

جنبلاط يكمل انقلابه على 14 آذار: «إلى اليسار در»!

فعلها وليد جنبلاط، وهي خطوة لم تفاجئ كثيرين في الموالاة والمعارضة، في الداخل والخارج. كان الجميع قبل الانتخابات ينتظرها، لكن باسثناء وليد جنبلاط نفسه، لم يكن أحد يقدّر اللحظة والأسلوب و«المخرج»، فإذا به «يخترع» جمعية عمومية استثنائية لحزبه التقدمي الاشتراكي، مناسبة ومنبرا، لتغليف موقفه حزبيا، قبل أن يندفع به لاحقا باتجاه اعادة صياغة موقع جديد بدأ «بين المنزلتين»، وتطور بالأمس، نحو محاولة التموضع في اطار «حركة وطنية» بقوى ومضامين جديدة.
فعلها وليد جنبلاط، كي يكمل ما كان قد بدأه من قبله العماد ميشال عون، يوم «تمرد» على حركة 14 آذار في صيف 2005، وانتقل منها الى مقلب المعارضة، ليصبح السؤال ما هو مصير هذا «العنوان الفضفاض» بعد أن خرج مكونان أساسيان منه، وفقد «عصبه السياسي الجنبلاطي»، لا بل حتى أبرز مبررات قيامه، بانتفاء الاشتباك السعودي ـ السوري وذهاب هذين البلدين العربيين نحو مرحلة سياسية على صعيد العلاقات الثنائية والعلاقات العربية العربية، يتفقان معها على أنه لا عودة الى الوراء، أي الى مرحلة القطيعة والجفاء.
فعلها وليد جنبلاط وزار دمشق عمليا، بالأمس، ولن يكون مفيدا بعد الآن التنصت على هاتفه من أجل معرفة موعد زيارته الى دمشق، فاذا كانت الحكومة بحكم المنتهية سياسيا، بمعزل عن بعض الصياغات اللبنانية الأخيرة، فإن زيارة جنبلاط قد باتت بحكم الحاصلة سياسيا، ويبقى التاريخ، وهو لن يكون بعيدا أبدا عن موعد زيارة الرئيس المكلف الى دمشق، وحتما لن يكون في عداد وفد موسع، بل سيكون وحده وربما يصل الى قصر الرئاسة السورية وهو يقود سيارته من دون أي مواكبة أمنية.
فعلها وليد جنبلاط، وأصبح اعتبارا من صباح يوم أمس، «خائنا» تبعا
لقاموس من أراد للانقلاب السياسي أن يصل أبعد من خروج الجيش السوري من لبنان، وفي المقابل، صار بنظر الآخرين، من المعارضين أو بعض قوى اليسار، بمثابة «الابن الضال» الذي عاد الى رشده، ولو متأخرا أربع أو خمس سنوات، كانت غنية بالتحولات والأحداث السياسية.
فعلها وليد جنبلاط، وقرر الوقوف على التل، يراقب المشهد اللبناني والاقليمي والدولي المتغير بسرعة، مدركا مخاطر الفتنة السنية الشيعية وساعيا الى رأب هذا «الصدع الكبير»، بعدما كان متهما، قبل السابع من ايار، بأنه يسعى وقوى أخرى، خاصة مسيحية، الى توسيع هذا الفالق المذهبي الخطير، من أجل تقوية وضعه ونفوذه على حساب إضعاف القوتين السنية والشيعية في لبنان.
فعلها وليد جنبلاط، وأكسب نبيه بري الرهان، بأن سقطت معادلة الأكثرية والأقلية لمصلحة تبلور موازين قوى جديدة، فها هي الأكثرية التي تباهت بحصولها على واحد وسبعين نائبا، تفقد أكثريتها، بخسارة كتلة من عشرة نواب من «اللقاء الديموقراطي»(باستثناء مروان حمادة)، وصار على ما تبقى من 14 آذار ومن 8 آذار ـ اذا بقيت على حالها ـ أن يحسب حسابه في الكثير من المحطات الآتية، ولا سيما منها الاستحقاق الحكومي القريب.
  قنبلة جنبلاط
وفي التفاصيل، قال النائب جنبلاط امام الجمعية العمومية الاستثنائية للحزب التقدمي الاشتراكي التي انعقدت في «البوريفاج» أمس، «اننا اذ تحالفنا في مرحلة معينة تحت شعار 14 آذار مع مجموعة من الاحزاب والشخصيات، وبحكم الضرورة الموضوعية التي حكمت البلاد آنذاك، لكن هذا لا يمكن ان يستمر، وعلينا اعادة التفكير بتشكيلة جديدة اولا داخل الحزب، وثانيا على الصعيد الوطني، من اجل الخروج من هذا الانحياز والانجرار الى اليمين والعودة الى اصولنا وثوابتنا اليسارية والعربية والنقابية والفلاحية وغيرها من الثوابت التي من اجلها قضى الكثير واستشهد الكثير من مناضلي الحزب التقدمي الاشتراكي». وشدد على ان عهد الوصاية ولى، الجيش السوري انسحب، فكفانا بكاء على الاطلال(التفاصيل ص2).
 رد «المستقبل»
وفي رد شديد اللهجة على جنبلاط، من دون تسميته، أصدر «تيار المستقبل» بيانا اعتبر فيه انه «إذا أراد البعض أن يذكّر بتاريخه فلا بأس شرط أن لا نعود إلى التاريخ المعيب الذي كان فيه كثيرون شركاء في إعلاء مصالحهم الخاصة على مصلحة الوطن». وأكد «تمسكه بمبادئ ثورة الأرز عموما وبذكرى 14 آذار خصوصا، وهو اليوم الذي انتفض فيه جميع اللبنانيين في وجه اغتيال الرئيس الشهيد رفيــــق الحريري ودفاعا عن مبادئه»، وأعلن أن «لبـــنان أولا» سيبقى شعاره، وأشــــار الى أن قوى 14 آذار لم تكن يوما قوى رافضة للآخر.
وعلمت «السفير» أن بيان «المستقبل» جاء في ضوء مشاورات واسعة بين الحريري وقيادات 14 آذار ولا سيما سمير جعجع الذي هدد باعلان موقف وكذلك حزب الكتائب وبعض مسيحيي 14 آذار «المستقلين»، وتم التوافق على أن يكون هذا البيان هو بداية الرد على ما أعلنه جنبلاط.
وفي وقت متأخر من ليل أمس، قال النائب جنبلاط لـ «السفير» ان كل ما فعله في خطابه هو انه ذكّر بالمحطات النضالية التي تشكل جزءا من تراث الحزب وهويته، متسائلا: ألا يحق لي في مناسبة حزبية تنظيمية، بحضور رفاق قدامى من الرعيل الاول أعتز بهم، ان أذكّر بتاريخ الحزب وان أدفع في اتجاه إحيائه؟
وعن تعليقه على موقف «تيار المستقبل»، قال جنبلاط: هل ان عشرات المحطات النضالية المشرقة للحزب التقدمي، من الاعتراض على حلف بغداد الى المحكمة الدولية مرورا بالكثير من العلامات الفارقة، هي تاريخ معيب؟ غريب هذا المنطق الذي لا أفهمه، وإذا كان البيان الصادر هو رد فعل على موقفي من» لبنان اولا»، فإن الامر لا يستحق هذه الحدة.. على كل حال، سأتجنب الدخول في سجال مع «تيار المستقبل» بانتظار توضيح منه».
وعما إذا كان يمهد لتأسيس حركة وطنية جديدة، لفت الانتباه الى ان همّه قبل ذلك، «هو إعادة بناء الحزب على أساس الثوابت التاريخية ورصد مدى استيعاب الجيل الجديد شعاراتي وطروحاتي والى أي حد هو مستعد للتأقلم معها»، مشيرا الى انه يدرك ان المتغيرات في العالم فرضت لغة جديدة، «وأنا لن أنهي حياتي باستخدامها، لكنني سأسعى الى تطوير اللغة القديمة مع الحفاظ على ثوابتها الوطنية والقومية».
بري: جنبلاط
 لا يضيّع البوصلة
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ «السفير» ان موقف جنبلاط يؤكد صوابية ما سبق ان أكدته في أكثر من مناسبة ان جنبلاط لا يضيع البوصلة، وتوقع ان يكون لموقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تداعيات على فريق 14 آذار، باعتباره كان أحد أبرز أركان هذا الفريق، مضيفا: هو وحده 10والباقون هم 4.
وأشار الى ان ما أعلنه جنبلاط أثبت صحة ما كان قد توقعه حول خلط الاوراق بعد الانتخابات، لافتا الانتباه الى ان مسألة الثلث الضامن لم تعد ذات شأن بعد موقف جنبلاط، لأن وزراءه الثلاثة لن يُحسبوا ضمن قوى الأكثرية بعد اليوم.
حردان وحدادة يشيدان بمواقف جنبلاط
وقال رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان لـ «السفير» ردا على سؤال حول قراءته مواقف جنبلاط، «إننا نشعر من خلال ما سمعناه بالأمس وكذلك من خلال متابعتنا لمواقفه الأخيرة، بأن وليد جنبلاط قد عاد إلى موقعه، ومن خلاله إلى مواقع مضيئة له ولحزبه، ذلك أن الحزب الاشتراكي كان من الأطراف الأساسية التي أسقطت اتفاق السابع عشر من أيار، كما أن حزبه كان ولا يزال يشدد على مركزية القضية الفلسطينية وعلى أن حق العودة للفلسطينيين هو حق مقدس، وأنا أعتقد أن تأكيده على اتفاق الطائف ولا سيما ما يتعلق بالعلاقات اللبنانية ـ السورية المميزة، هو أيضا من معالم الموقف الجديد ـ القديم للتقدميين الاشتراكيين، عدا عن إعادة تأكيد موقفه ورؤيته للصراع العربي الإسرائيلي ولأبعاد المشروع التقسيمي التفتيتي في لبنان، الذي كان كمال جنبلاط وحزبه قد لعبا دورا رياديا في إسقاطه».
أضاف حردان «القوميون السوريون لن ينسوا أبدا مواقف الشهيد كمال جنبلاط من مسألة اغتيال زعيمهم أنطون سعادة في العام 1949، حيث كان الزعيم اللبناني الوحيد الذي وقف إلى جانبه علنا وأدان اغتياله»، وقال «الموقف المستجد لجنبلاط يرسم رؤية جديدة تمهد لنمط جديد من العلاقات السياسية على الصعيد الداخلي، باتجاه قوى وطنية وقومية وتقدمية قال جنبلاط انه يريد فتح صفحة جديدة معها».
وقال الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني الدكتور خالد حدادة لـ «السفير» إن الحزب شعر بارتياح إلى المعايير الثلاثة التي أعاد وليد جنبلاط التأكيد عليها، أولها المعيار الوطني بعنوانيه المتلازمين المقاومة وفلسطين ومواجهة المشروع الأميركي الإسرائيلي، وثانيها المعيار الاقتصادي الاجتماعي عبر الانحياز إلى مصالح أغلبية اللبنانيين ممن سُلبت حقوقهم بفعل تلازم سلطة المال والمذاهب، وثالثها معيار الإصلاح السياسي عبر الدعوة إلى إلغاء الطائفية السياسية وتحقيق العلمنة الشاملة.
أضاف: لا مستقبل مشرقا للبنان خارج هذه المعايير والمفاهيم، وبالتالي نعتبر أن العودة إليها يعطينا نوعا من الاكتفاء رغم الخسائر التي دفعناها طيلة المرحلة الماضية، وربما يعيد المستقبل الاعتبار إليها ومن خلالها لليسار اللبناني الحقيقي كما فهمه حزبنا في الماضي واليوم، وبالتالي لا مشكلة عندنا لبناء علاقات وطيدة مع الحزب التقدمي، قياديا وقواعديا وقطاعيا، وبشكل تدريجي، بما يزيل الغبار عن الماضي القريب ويؤسس لمرحلة جديدة وفق المعايير الثلاثة».
... وأيضا أرسلان ووهاب
ورحب رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان، بـالمواقف الوطنية التي أعلنها جنبلاط، و«التي تشكل خطوة منتظرة في المسيرة الانقاذية الوطنية التي انطلقت في الحادي عشر من ايار 2008». وقال «أهلا وسهلا بهذا القرار الوطني العربي النابع من تاريخ بني معروف ومن تاريخ هذه الأمة المقاومة ضد الاستعمار والصهيونية». واتصل ارسلان بجنبلاط، وهنأه «على هذا الموقف التاريخي».
وقال رئيس تيار التوحيد اللبناني وئام وهاب لـ «السفير»: «نعم هذا هو وليد جنبلاط الذي نعرفه ابن الشهيد الرمز كمال جنبلاط.. وفي الموقع الطبيعي له بعد أن أمضى أكثر من أربع سنوات في موقع لم يكن طبيعيا».
 الملف الحكومي
الى ذلك، تُستكمل مع بداية هذا الاسبوع المفاوضات بين الرئيس المكلف سعد الحريري والتيار الوطني الحر من جهة، وبينه وبين قوى 14 آذار من جهة أخرى، لمحاولة تذليل العقد المتصلة بالحقائب والاسماء، والتي لا تزال تحول دون تشكيل الحكومة، وسط إصرار من العماد ميشال عون على نيل حقيبة سيادية (إما الداخلية أو المالية).
وقال قطب بارز من مسيحيي 14 آذار لـ «السفير» ان الاتجاه بات يميل نحو منح القوات اللبنانية وزيرين مقابل وزير واحد لحزب الكتائب، الامر الذي من شأنه ان يتيح توزير بطرس حرب عن مستقلي 14 آذار، ما يطرح تساؤلات عما إذا كان الرئيس أمين الجميل سيقبل بهذه الصيغة التي تعطي أفضلية لـ «القوات»، علما بأن النائب حرب قال لـ «السفير» انه لا توجد مشكلة امام فرضية دخوله الى الحكومة، وان اسمه ليس مطروحا كعقدة.
في هذا الوقت، أكدت أوساط بارزة في «تيار المستقبل» لـ «السفير» انه من غير الوارد اعطاء العماد عون لا حقيبة «الداخلية» المصنفة ضمن حصة رئيس الجمهورية ولا حقيبة «المال» المصنفة ضمن حصة الرئيس المكلف، كما أشارت الى انه ليس واردا حتى الآن الموافقة على توزير جبران باسيل، مشيرة الى ان مطالب العماد عون غير منطقية.
في المقابل، قال الوزير جبران باسيل لـ «السفير» تعليقا على مواقف الذين يعتبرون ان الاصرار على توزيره إنما يشكل العقدة الابرز امام ولادة الحكومة: من الواضح انني أصبحت عقدة لسانهم، وهذه مشكلتهم وليست مشكلتنا.
وأضاف: إذا كان البعض يعتبر ان الرسوب في الانتخابات هو معيار لعدم دخول الحكومة، فنحن ايضا لدينا معيارنا وهو ان المتقلبين والفاسدين والفاشلين في الحكومات السابقة يجب عدم توزيرهم، لافتا الانتباه الى ان الرئيس المكلف لم يبلغه حتى الآن برفض توزير الراسبين. ولفت الانتباه الى ان الرئيس الحريري يواجه مشكلات في توزيع الحقائب والأعداد مع حلفائه داخل فريقه، ولا يجوز إلقاء تبعات التأخير في تشكيل الحكومة على العماد عون. وأكد انه عندما يتم الاتفاق مع العماد عون على نوعية الحقائب، ينتقل الجنرال الى المرحلة التالية وهي تسمية وزرائه.
 

 

Script executed in 0.21259593963623