لم يكن ينقص المواطن اللبناني الذي يعيش الأزمة الإقتصادية بحذافيرها والتي يمر بها ساعة بساعة، إلا أن مشكلة أخطر باتت تهدده بلقمة عيشه.. هي مشكلة ليست بجديدة ولكنها باتت اليوم تلامس حد الإنفجار. «اللقمة عم تنشال من التّم واستولوا على كل شي» هكذا يبرر الكثير من العمال بعدما استولى العامل السوري على حيّز كبير من سوق العمل في وقت ساهمت الفوضى الشائعة في لبنان وغياب نظام حقيقي إلى عدم الحد من ظواهر كارثية اقتصادية باتت اليوم أخطر من اي وقت مضى.
بنت جبيل، المدينة التي تدهور فيها الواقع السكاني بشكل دراماتيكي منذ احتلال العدو الإسرائيلي وصولاً إلى عام 2000 حيث كان التحرير، يوم شهدت البلدة فورة عمرانية غير مسبوقة. حينها استعد الآلاف من العمال السوريين لدخول المدينة دون أي تنظيم للعمل في مختلف مجالات البناء وصولاً الى ما بعد حرب تموز 2006 ليتكاثر الزحف العمالي السوري نحو المدينة ويصبح العامل البنت جبيلي مهدداً بلقمة عيشه أمام المزاحمة و"تسونامي الواقع" الذي لم يرحم الكثير من الشبان، فمنهم من بات وراء البحار، ومنهم من بات عاطلاً عن العمل بعد الإستغناء عنه من قبل رب عمله منتظراً تأشيرة خروج، ومنهم من بقي يقاوم من أجل لقمة عيشه وسداد فواتير الكهرباء والهاتف والماء ومصاريف البيت ومستحقات الحياة.
"جايين على شهر رمضان وما معنا قرش نصرفو ومتكلين على الله كل يوم بيومو" هكذا يقول عامل في مجال البناء من مدينة بنت جبيل تخلى عنه صاحب عمله بعد أن عمل معه لمدة تتجاوز الـ 10 سنوات بسبب أنه لم يعد قادراً على دفع الإيجار الأسبوعي، فهناك بديل آخر وهو عامل سوري يعمل لغاية المساء ويقبض راتبه أقل بقليل وليس لديه عائلة ليقضي معها ما تبقى من نهاره..أما عامل آخر في مجال السنكرية، يعمل منذ عدة أشهر على الإلتحاق بأي وظيفة قد تنقذ عائلته من الغرق في الجوع بعدما قطع الأمل.
في الوقت عينه يقول احد اصحاب المواد الغذائية في المدينة ان العامل السوري ساهم في تنشيط حركة البيع في بعض محلات السمانة، وبحسب رأيه هذا الامر ينعكس ايجاباً على اقتصاد المدينة.
اما السلطات اللبنانية قامت مؤخراً بإقفال محال تجارية تابعة لسوريين، لكنها حتى اللحظة لم تضع هذه السلطات أي قانون لحماية "عامل الورشة" بعد أن استفرد به المعلم اللبناني والمواطن اللذان باتا يبحثان عن التوفير ولو سنتاً واحداً.
وبحكم القوانين التي تمنع تحويل مبالغ كبيرة الى سوريا وفرض استلامها بالليرة السورية من قبل السلطات السورية، بات الكثير من هؤلاء العمال وبحسب معلومات لموقع بنت جبيل يمارسون سياسة اشبه بـ "تبييض الاموال" فيقوم البعض بتحويل الاموال الى اشخاص داخل لبنان لهم اختصاصهم بنقلها بالدولار الى الداخل السوري.. ومؤخراً يلاحظ قيام الكثير من السوريين بشراء الذهب بشكل قانوني ليتم بيعه الى تجار من سوريا ثم يصارالى نقلها نحو الخليج والاسواق العراقية بحكم الطلب عليه، الامر الذي يؤكد ان مشكلة خطيرة تلوح في الافق.
ضراوة مستفحلة تنحدر نحو المجهول باتت تتكشف في مشاهد الحياة اليومية في لبنان بشكل عام وفي بنت جبيل بشكل خاص.. فهذه المدينة التي كانت تُضَخ بشرايينها اموال المغتربين منعشة اهلها واقتصادها، لم تعد كما كانت عليه سابقاً بحكم قوانين تحويل الاموال الامريكية من جهة، واموال العامل السوري التي يجنيها ثم تذهب بمعظمها الى خارج الحدود من جهة اخرى فـ «الصرخة لم تعد تنفع وهروب العامل البنت جبيلي من المدينة الى خارجها قد يكون أفضل الحلول».
خاص بنت جبيل.اورغ
شاهد الفيديو: