كتب روني الفا في "ليبانون ديبايت"
صبيةٌ كنّا. في الأحوال الخمسة الأولى من أعمارنا الغضّة كان يستهوينا عنفٌ تفقّدي. كنا نتفقّدُ حواسنا بشيء من متعة التّخريب. كان الأهلُ يبعدون عن مرمى رماياتنا الصديقة المنافضَ ويسحبونها تكتيّاً عن كل "سكاملات" البيت. الأكواب الزجاجية أيضاً وفناجين صباحات الثرثرة. كلُّ طفلٍ يولد بعنف جهّزته به السّليقة. بمتعةٍ في مشاهدة تفكك العناصر.
أجرؤ على الإعتراف بعد مضيّ ما يقارب الستين سنة أن سحبَ أواني الكريستال كان يدفعُ بنا إلى ممارسة ساديّتِنا على الصيصان. كانت الصيصان تدخل بيوتنا ملوّنة بالصباغ الأحمر والأخضر والأصفر والأزرق. كان ذلك قبل أن تستلهم الأحزاب في بلَدِنا هذه الألوان لتصبغ بها بعض صيصانها البشرية. حقبتذاك كنا نفرّغ طاقات العنف الطفولي فينا على هذه الصيصان العُزَّل. أذكر أنه لم يتسنّ لأي صوص فرصة التحول الى دجاجة في بيتنا.
كانت الكرتونة تشهد كل يوم على انتقال صوص واحد على الأقل إلى رحمته تعالى. وتيرة مشابهة للَغز وفاة عبدٍ صغير كل ليلة في مسلسل " عشرة عبيد زغار" على شاشة تلفزيون لبنان.
الصوص الناجي من وفاة طبيعية كانت توافيه المنية على أيدينا تقاذفاً، عصراً أو نتفاً. كنا نقتل الصيصان ونبكي في جنازاتها. تعلَّمت بتقادم الزمان أن لا مكان للصيصان . حتى في انتخابات جمعيات الحَبَل بلا دَنَس. يعني أو تكون ديكاً أو تُنتَف. في الوَطَن والسياسة على وجه الخصوص. الوَطَن الصوص يموت بالتقاذف والعصر والنتف. أقصى حسن طالعه أن يُرمى له قنبز البنك الدولي. تُرمَى له كراتين السّكّر والطحين والمعكرونة من طائرات الأمم المتحدة. بالكاد يُسمَحُ له بوجبة قبل أن يُذبَح.
عالم السياسة مطوَّب للديوك على أن تكون أعرافها مهيبة وصياحها مطَنطِن.كل قضية بلا عُرف وبلا مخالب وبلا صياح مشروع جثة صوص. ترسانتك تحدد تاريخ حريتك. من دون ترسانة تذهب الى الأستانة مئة مرّة بلا جَدوى. بعيداً عن أي جنوح عقائدي وعن أي إصطفاف سياسي أتأمل بمخلب الديك الذي أسقط طائرة التجسس الأميركية فوق مضيق هرمز منذ يومين فتحضرني طرفة استلّها من منصات التواصل الإجتماعي وأوردها كما وصلتني.
الحرس الثوري الإيراني: "اسقطنا طائرة تجسس أميركية فوق اراضينا"
ترامب: "بالغلط".
الحرس الثوري: "لا مش بالغلط".
ترامب: "والإمام علي بالغلط!!"