أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الحريري يوسّع استشاراته وعون يرفض «الأكل مع كذّابين»

الخميس 20 آب , 2009 07:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,572 زائر

الحريري يوسّع استشاراته وعون يرفض «الأكل مع كذّابين»

قبل ساعات من بدء الصوم الرمضاني، «صار حزب الصائمين كبيراً»، بحسب ما نقل النواب عن الصائم الأكبر الرئيس نبيه بري، بعد لقاء الأربعاء النيابي. لكن اللافت أن بري الذي غاب عن لقاء رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، الأربعاء الماضي، بحجة أنه لم يطرأ أي شيء يستدعي لقاءهما، قصد بعبدا أمس، إلا أنه خرج صائماً عن الكلام، كما فعل لاحقاً مع النواب الذين التقاهم في ساحة النجمة والذين لم يستطيعوا ـــــ بحسب الوكالة الوطنية للإعلام ـــــ الحصول منه على أي معلومة رغم محاولاتهم، مكتفين بالحديث عن أجوائه التي تؤكد إصراره على التوافق وأنه سيبذل المزيد من الجهد في هذا الإطار «لتقريب وجهات النظر بين الجميع».
لكن البارز أمس، كان التحرك النوعي للرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، الذي بدأ انفتاحاً على أفرقاء عدة في المعارضة بعدما كان يحصر اتصالاته بحزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، إذ اتصل أمس بالرئيس عمر كرامي، وعلمت «الأخبار» أن غداء عمل سيجمع الاثنين اليوم أو غداً. وذكرت مصادر قريبة من كرامي أنه يقدّر الزيارة التي سبق للحريري أن قام بها إلى دارته في «بقاع صفرين»، ويستبشر خيراً من أداء الحريري الانفتاحي، وهو لديه تصور وخبرة يمكنه أن يفيد الرئيس المكلف بهما.
وعلى غداء عمل في منزله في وسط بيروت، التقى الحريري أمس الوزير طلال أرسلان الذي أكد أن لا أحد في الموالاة ولا في المعارضة يريد تأخير التأليف و«إن شاء الله تسير الأمور، ولو ببطء، في الاتجاه الصحيح وتتألف الحكومة في أسرع وقت ممكن». وقالت مصادر رئيس الحزب الديموقراطي إن الأخير يعتقد أن صوم بري والنائب وليد جنبلاط عن الكلام، لا يفترض أن يقفل باب الحوار والنقاش للوصول إلى حل، إضافة إلى اعتقاده، بحسب أحد المقربين منه، أن تجربته الناجحة مع جنبلاط يمكن أن تتكرر و«خصوصاً أن المير لمس انفتاحاً حريرياً واستعداداً للتفاعل».
وفيما أعلن أرسلان أن الموضوع الحكومي لم يكن محور كل النقاش بينه وبين الحريري، بل استأثر بجزء منه، كشف مصدر مقرب منه أن البحث تناول العلاقات مع سوريا، وتم التركيز كثيراً على وسائل معالجة تداعيات ما يشبه تقرير مجلة دير شبيغل في شأن اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وعلم أنه اتفق خلال الغداء على استمرار التواصل عبر مدير مكتب الرئيس المكلف، نادر الحريري، ومستشار أرسلان مروان خير الدين. وقد التقى الحريري مساءً الرئيس أمين الجميل.
وإذا كانت «الحركة بركة» بحسب المثل الشائع، فإن مواقف المقربين من الحريري أظهرت أن الأمور ليست ميسّرة، إذ جزمت الوزيرة بهية الحريري بعد اجتماع «اللقاء التشاوري الصيداوي»، بأن الحكومة «أكيد ستأخذ وقتاً»، متحدثة عن «محاولات تعطيل للانقلاب على طريقة التأليف». وفي إشارة إلى المواقف الأخيرة للعماد عون، قالت إن المجتمعين في دارتها أصرّوا على «ضرورة عدم اللجوء إلى العنف الكلامي، وعدم الانجرار إلى أي سجال يؤدي إلى مزيد من الالتباس في الوضع».
لكن عضو كتلة المستقبل رياض رحال، رد على عون، متهماً إياه باستخدام «مستوى متدنّ في خطابه». وطالب الحريري بتأليف الحكومة بدون عون «في حال استمراره في شروطه التعجيزية»، مؤكدا أن الرئيس المكلف لم ولن يعتذر ما دام الدستور أعطاه «المهلة والوقت الكافي». ودون أن يسمّيه، اتهم النائب محمد قباني، عون، بأنه «يطرح شروطاً تعجيزية للمشاركة في الحكومة». وقال إنه لا وجود لنص دستوري «يشير إلى أن الاستشارات لتأليف الحكومة ملزمة».
أما الأمانة العامة لقوى 14 آذار، فأسفت في بيان تلاه إدي أبي اللمع، بعد اجتماعها أمس، «للغة» عون، وقالت «إنها تربأ بنفسها الرد على حفلة الشتائم المعبرة عن سقوط أخلاقي مدوّ». وذكرت أن صيغة 15 ـــــ 10 ـــــ 5، وافق حزب الله عليها باسمه وباسم عون، وأبدى «تعهده بتسهيل هذه الصيغة ومعالجة أي مشكلة قد تطرأ مع حليفه»، لتخلص إلى أن «التصعيد الأخير» في مواقف عون «لا يمكن أن يحصل من دون موافقة حزب الله الذي وافق وتعهّد». وأعلن أبي اللمع أن «هناك قراراً سيتخذه الرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية في موضوع تأليف الحكومة».
وفي جولة على عدد من المشاريع الإنمائية والصحية في منطقة البترون، أعرب رئيس حكومة تصريف الأعمال، فؤاد السنيورة، عن ثقته بأن الحريري يبذل قصارى جهده لمعالجة كل الأمور توصلاً إلى تأليف الحكومة «فهو لم ييأس ولن يتوقف أمام العقبات وسيستمر منطلقاً من إيمانه بلبنان العربي المستقبل السيد الحر (...) وستكون لنا حكومة إن شاء الله طال الزمن أو قصر». فيما سأل النائب بطرس حرب: «كيف نأمل خيراً والمصالح الفئوية والحزبية والعائلية تتقدم على مصلحة لبنان واللبنانيين؟ وكيف تتحسن الأوضاع إذا أسقطنا نتيجة الانتخابات قبل أن يجف حبرها؟».
في هذا الوقت، ورغم تأكيده عدم وجود مشكلة داخل 14 آذار، أشار النائب أنطوان زهرا إلى استمرار أزمة حقيبة الأشغال، بالقول إن القوات اللبنانية لم تتمسك بالحصول عليها ولم تتخل عن المطالبة بها، وهذه الوزارة «لم تحسم بعد أين ستكون»، مضيفاً: «ومع احترامي للوزير العريضي، فعندما يكون قد صار هناك حسم لوزارات محددة عند أفرقاء محددين، فإنني أتعجب لماذا لم تصدر بعد مراسيم التأليف؟». ودعا الحريري إلى العمل على أساس «صلاحياته الدستورية» و«أن يتفضّل ويعرض كل ما يراه مناسباً لأنه يملك غالبية تؤيده، كما هو ظاهر».
وفي المقابل، عزا عون بعد ترؤسه اجتماع تكتل التغيير والإصلاح، الهجوم عليه إلى «أنهم لا يعتبروننا من الطينة التي يمكن أن تتألف منها الحكومة، لأننا غير مطواعين». ورأى أن الفريق الآخر «مستمر بالنغمة ذاتها، والطريف أنهم يتحدثون عن تجاوز الدستور، خلقوا التهمة وبدأوا بنشرها»، مستغرباً القول إن بدء رمضان من دون تأليف الحكومة يعني تأخيرها إلى آخره، فـ«كلنا نعمل في رمضان مسلمين ومسيحيين، فماذا يمنع من إكمال تأليفها؟». واستبعد أن يؤدي الاحتقان السياسي إلى تفجير أمني «لأن من يستطيع أن يفجر الوضع لا يريد أن يفجّره، والذي يريد لا يستطيع». وقال: «هناك أشخاص يتجولون في العواصم العربية، ماذا يفعلون هناك، وخصوصاً أن الدول العربية ليست للسياحة في أوقات كهذه بسبب مناخها؟». وعن لقائه والحريري، قال: «لا أجتمع مع أحد ممن يكذبون على الرأي العام»، مضيفاً «مشاركة الطعام تعني صداقة، أتعاطى معهم ولكن لا صداقة في ظل هذا الكذب والافتراء، لذلك فليسمحوا لنا ألا نأكل معاً».
ووسط هذه الأجواء، جاءت النصيحة من قطر، على لسان نائب رئيس الحكومة القطري عبد الله العطية الذي قال بعد لقائه الوزير تمام سلام: «نصيحتي للجميع أن يتشاركوا في الصيام عن الكلام ويفطروا على العمل وتأليف الحكومة، حكومة الوحدة الوطنية».

Script executed in 0.18333601951599