أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«حزب الله»: إن وقعت الحرب..فسيسرع العدو لطلب وقف النار

الخميس 27 آب , 2009 06:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,816 زائر

«حزب الله»: إن وقعت الحرب..فسيسرع العدو لطلب وقف النار
تندر المجالس الداخلية السياسية وغير السياسية، التي لا تتحدث عن حرب إسرائيلية محتملة على لبنان للقضاء على المقاومة وتغيير وجه البلد، ويتم التعبير عن القلق في تلك المجالس وكأن الحرب واقعة لا محالة!
وما يشد الانتباه في تلك المجالس هو ان بعض القلقين باتوا يرسمون سيناريوهات لتلك الحرب، مستمدة من سلسلة المناورات الإسرائيلية التي تلت هزيمة تموز 2006، ومن تهديدات قادة العدو التي ارتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة، وتتدرج السيناريوهات من ضربة قوية للبنى التحتية تمهد من جهة لتوغل بري واسع في الجنوب، وأما من الجهة الثانية، وهنا الأخطر، فتطلق حركة تناغم داخلية مركزة ترفع الصوت ضد «حزب الله» وتلقي عليه مسؤولية الكارثة بما يشد الخناق على المقاومة ويضعها في مواجهة جبهتين خطيرتين، ويدخلها بالتالي في متاهة داخلية لا نهاية لها!
على ان اكثر من يثير الريبة في هذا «التنجيم الحربي»، اقترابه من تحديد موعد اندلاع الحرب، والتركيز على أيلول بوصفه شهر الاستحقاقات الخطيرة المتصلة بلبنان، علماً بأن نظرية أن «ايلول بالحرب مبلول» باتت شائعة ومنتشرة في مستويات داخلية مختلفة. ما يقود الى إبراز السؤال التالي: هل هذا الجو دقيق، وهل في ما يقوله المنجمون الحربيون شيء من الصحة ومبني على معطيات، ام انهم يكذبون ويعبرون فقط عن رغبات؟
المعنيون بالمقاومة مباشرة، لا يؤخذون بتهويل تلك المجالس، وإن كانوا لا يغفلون حقيقة ان الاسرائيلي لا يؤمَن له ويستشعرون خطره، ما يوجب التنبه دائماً لما يضمره. فالرئيس نبيه بري يؤكد انه لا يرى حرباً إسرائيلية، أقله هذا العام، فيما «حزب الله»، لم يصل بعد في تقييمه وقراءاته لمسار الحركة الإسرائيلية منذ هزيمة العدو في تموز، ولأبعاد المناورات والتهديدات الى حد الاعتقاد بأن العدو سيشن حرباً على لبنان في المدى القريب. علما بأن الحزب سبق ووضع نفسه في اعلى جهوزيته وكأن الحرب واقعة غداً، على أساس ان الغدر الإسرائيلي وارد في اية لحظة.
بديهي القول إن لأي حرب هدفاً محدداً في السياسة وغير السياسة، وفي قناعة «حزب الله» ان العدو وبناءً على التجارب السابقة في لبنان، وتحديداً على تجربة «عدوان تموز»، لا يستطيع العدو ان يضمن نتيجة أيّ حرب يمكن ان يشنها ضد لبنان. فضلاً عن أن تحليل الحركة العسكرية الإسرائيلية وسلسلة المناورات التي اجراها منذ حرب تموز وحتى الآن، تظهر ان العدو ، وعلى المستوى القتالي لم يقدم شيئاً نوعياً، او بالأحرى لم يجر تأهيلاً نوعياً ومميزاً لجنوده، فما قام به منذ ذلك الحين، كان كناية عن عرض عضلات واستعراضات عسكرية من الصعب على الإسرائيلي ان يصرفها في ساحة القتال المباشر.
واذا كانت فرضية تكرار العدو سيناريو تموز 2006، انما بصورة معدلة، تقرنه بتوغل بري جنوباً، هي الأكثر تداولاً في «مجالس التنجيم»، فإنها مأخوذة في اعتبار «حزب الله»، الذي يعتبر ان العدو قد يراهن في أي حرب ضد المقاومة على عملية برية لإظهار قوته وسعياً لتحقيق انتصار يعوِّض له هزيمته في تموز، لكن مشكلة العدو تكمن في ان المقاومة تعتبر العملية البرية، هي نقطة ضعف العدو، والمقاومون ينتظرونه.
وما ينبغي الالتفات اليه هنا، هو ثقة «حزب الله» بقدرة المقاومين على مواجهة الحرب إن غامر بها الاسرائيلي، بالحساب العسكري والميداني، فإن العدو هو الذي سيبادر سريعاً الى طلب وقف إطلاق النار، لأنه بلا شك لن يكون قادراً على تحمل حجم الخسائر التي سيمنى بها. فالعدو يقرأ سلفاً هذه النتيجة، ويعرف ان الحرب ستكون مكلفة جداً عليه بشرياً إضافة الى الخسائر على امتداد مساحة الكيان.من هنا اذا كانت نتيجة الحرب معروفة مسبقاً، فهل يمكن ان يشن العدو حرباً خاسرة؟
قد تشكل خسارة العدو تلك، المفترضة والمؤكدة من قبل «حزب الله»، مانعاً ميدانياً مباشراً لشن الحرب من قبل الاسرائيلي، يقابلها مانع آخر ببعد اقليمي. وتفترض شخصية قيادية بارزة أن الحرب إن اشتعلت فستكون «الحرب الأخيرة»، ومن شأنها، ان تلقي بارتداداتها على مجمل المنطقة، وستكون سوريا وإيران الى جانب المقاومة في لبنان من دون تحفظ، ما يعني ان العدو سيكون أمام جبهات مفتوحة، ولن يكون قادرًا على إدارة المعركة والتحكم بنتائجها، خصوصاً ان الوضع في المنطقة قد يشتعل، وينقلب رأساً على عقب ويطيح بمسار التسويات التي يجري التحضير لها اميركياً وعربياً وفق المصلحة الإسرائيلية.
والأكيد في رأي تلك الشخصية، ان اسرائيل التي سبق وتصدرت حرباً عالمية عربية ضد المقاومة في تموز 2006، دل التاريخ معها على انها لا تخوض حرباً لحساب العرب، بل تخوضها لحسابها ولما يحقق مصلحتها. وتتوقف الشخصية القيادية عند الكلام الأخير للرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز الذي تحدث عن الترسانة الصاروخية لـ«حزب الله» التي قدرها بثمانين الف صاروخ، وأن إسرائيل برغم ذلك ليست معنية بالحرب مع لبنان. في رأي الشخصية ان كلام الرئيس الإسرائيلي ينطوي من جهة على التأكيد ان ليس من مصلحة اسرائيل شن حرب على «حزب الله»، وأما من الناحية الثانية، فيظهر كلام بيريز وكأنه آت في سياق رفض مباشر لـ«مطالبات» يمكن ان يكون قد تلقاها العدو من بعض القوى التي شاركته في «حرب تموز»، وتدعوه الى شن حرب على «حزب الله».
إلامَ تمهد الحملة الداخلية المستجدة على «حزب الله»، وهل يحاول مطلقوها ان يلاقوا تطورات معينة داخلية أو إقليمية؟
يقول عارفون، ان «حزب الله» يتابع مجريات الحملات، ويفهم اسبابها وأهدافها، ويرى ان بعض الجهات الداخلية تراهن على المشروع الذي يحاول ان يضرب المقاومة ويسعى لإنهائها. ومشكلة هذه الجهات انها عن قصد او عن غير قصد تحاول ان تجعل من نفسها «الدفرسوار الداخلي»، وهذا واضح للعيان، انما ما هو واضح اكثر ان هذا الدفرسوار لا يمكن له ان يتحرك الا في حالة انتصار الاسرائيلي في الميدان، ويعرف الاسرائيلي ان انتصاره لن يتحقق.

Script executed in 0.20243215560913