بنت جبيل.أورغ
أسبوع حزين مرّ على مدينة بنت جبيل، خسارة الشابة نادين جوني في حادث مأساوي لم تكن كأي خسارة. فهي شابة صغيرة عشرينية، صنعت من اسمها "أيقونة" في المطالبة بحضانة طفلها. إذ حولّت معاناتها الشخصية في تحصيل حضانة طفلها، إلى قضية رأي عام تطالب خفض سن الحضانة لصالح الأم في حال الطلاق. وكعادتها المدينة احتضنت جثمان ابنتها نادين في ثراها، ضمن جنازة شارك فيها الأهل والرفاق من أبناء المدينة ومن معارف وأصدقاء وأحباء الشابة الراحلة. ولأن ذلك "واجب"، اعتادت المدينة إقامة مراسم الدفن والعزاء، التي يكون لها طابعاً خاصاً حين يكون المتوفى في عمر الراحلة نادين، التي أفل نجمها عن عمر وردي المعالم.
ولكن، أثارت بعض الكتابات الصحفية والتعليقات على مواقع التواصل الإجتماعي امتعاض الكثيرين من أهالي بنت جبيل، إذ صوروا بطريقة "بشعة"!
وكأنهم، وهم ممن عرفتهم الراحلة، صبوا غضبهم لأجل سن الحضانة (التي ناضلت نادين لتشريعه لصالح المرأة) على فضيلة الشيخ الذي أمَ الصلاة على جثمان الراحلة، وعلى أهل المدينة الذين كانوا يأدون مراسم الدفن والعزاء!
واستطردت إحدى المقالات حتى كتبت "صلّى على جثمانها رجل دين، والأخير يمثّل بالمناسبة المؤسسة التي قاتلتها نادين لسنوات بعدما قتلتها آلاف المرات"!
بل إن ما فاجأ الأهالي استخدام عبارات للاعلامية حياة مرشاد حين كتبت: "من اللاعدل والجريمة أن الذي سيصلي على نادين غداً ذاك الصوت الذي كانت تطالبه بحضانة كرم"..."حاوطت القبيلة جثة نادين"..."كان عزاء القبيلة بكل ما للكلمة من معنى"..."من قال لكم بأن نادين تريد سماع القرآن؟ .. ووقفنا نحن نراقب جسدك الملفوف بكفن زهريّ اللون يحمله رجال القبيلة!
ومن هنا، هل كان على أبناء مدينة الراحلة أن لا يقربوا الجنازة! أن لا يؤدوا واجبهم تجاه ابنتهم! هؤلاء "الغرباء" هم من أهلها وعائلتها، وتلك المراسم تقام لكل راحلة أو راحل من أبناء بنت جبيل.
وصوّرت إحداهن الإستجابة لطلب جعل العزاء للرجال والنساء في نفس القاعة، على أنه انتصار على العادات والموروثات! علماً أن ذلك يعتمد في الكثير من الأحيان في المدينة! الأمر الذي أثار استياء الأهالي. والجدير بالذكر أنه فيما يتعلق بمراسم الاسبوع، كانت قد أوضحت إدارة مجمع المرحوم موسى عباس اللغط الحاصل عبر بيان مفصل، الأمر الذي جعل البعض يتهجم على المدينة وأهلها وعاداتها دون مبرر.
بلى! الثائرات هنّ الجميلات، هن من غزلن من الوعي ثورة لأجل المطالبة بحقوقهن وحقوق الآخرين.
ولكن كي نكمل درباً شقته زميلة الصحافة، نادين بصوتها ومطالباتها، لا بد أن ندين أولاً بالإحترام للآخرين ومعتقداتهم.
سامحينا...نادين جوني.