أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

حرب تموز تحيل سلاح «يوم القدس» إلى التقاعد

الجمعة 18 أيلول , 2009 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 7,882 زائر

حرب تموز تحيل سلاح «يوم القدس» إلى التقاعد

لا يزال حزب الله يُبدي حرصاً على إحياء يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان من كل عام، وهو اليوم الذي أعلنه الإمام الخميني يوماً عالمياً لدعم القدس والتضامن مع قضيتها، رغم الفتور الذي ميّز هذا الإحياء في السنوات الثلاث الماضية. ففي ما مضى كان يوم القدس محطة إعلامية وتعبوية رئيسية على جدول أعمال الحزب، إذ إنه، طوال عشرين عاماً، كان يستنفر عناصره، قبل شهرين من المناسبة، للتدرب والتهيئة للعرض العسكري المركزي، الذي كان يقيمه كل عام في الضاحية الجنوبية لبيروت، أو استثناءً في بعض مدن الجنوب والبقاع. ثم صارت المناسبة تُحيا في المحافظات كل على حدة، بمسيرات رمزية، مع احتفاظ الضاحية بالخصوصية المركزية. كان ذلك يوم كان العرض عسكرياً بامتياز، عدة وعتاداً. وفي مناسبة من اثنتين، يوم الشهيد (11ـــــ11 من كل عام)، ويوم القدس العالمي. سرايا مقاتلين، دبابات، مدافع، مضادات جوية، ومشاركة رمزية للمؤسسات التابعة للحزب. مطلع التسعينيات، غاب السلاح والمظاهر العسكرية، وتحولت القاعدة إلى «عرض عسكري بدون سلاح». لذا اعتُمدت العروض في ما بعد (انحصرت بيوم القدس) على زيادة عدد المشاركين وتنويع الفرق والسرايا وألوان الثياب، بين الأخضر والأسود والكاكي المرقط. آخر عرض عسكري «مجرد من السلاح» شهدته الضاحية الجنوبية كان في خريف عام 2005، قبل أن تقع حرب تموز في العام التالي، ويعزف حزب الله مذّاك عن تنظيم العرض العسكري في المناسبة، مكتفياً باحتفال مركزي في مجمع سيد الشهداء في الرويس، إضافة إلى احتفالات في المدن الكبرى في الجنوب والبقاع. ولا يقتصر إحياء هذه المناسبة على جماهير الحزب، بل تشهد المخيمات الفلسطينية احتفالات وعروضاً، مسلحة طبعاً، إذ تستفيد الفصائل الفلسطينية من «هامش الحرية» الذي تتمتع به المخيّمات، وهي لم تضطر إلى التخفيف من «عسكرة» عروضها العسكرية في مناسبة يوم القدس أو غيرها من المناسبات كما هي حال سياسة حزب الله بعد حلّ الميليشيات مطلع التسعينيات. وفي المحصلة، فإن إحياء يوم القدس يجري بـ«أضعف الإيمان»، وتطل الأسباب الأمنية برأسها في مناسبة كهذه، ولا سيما أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، كان قد كشف أن المخطط الإسرائيلي كان يقضي بأن تشنّ الضربة العسكرية، التي قامت مقامها حرب تموز، خلال عرض يوم القدس، وفي عام 1997، اصطدمت طائرتان إسرائيليتان، قيل يومها إنهما كانتا متوجهتين لتنفيذ عملية عسكرية والهدف أيضاً، يوم القدس. أما بعض الأوساط الإعلامية في الحزب فإنها تنفي البعد الأمني للموضوع، مشيرة إلى أن الحزب استغنى منذ سنوات عن استعراض السلاح، لأسباب تتعلق «بخصوصية العمل المقاوم والتكتم على إمكانات المقاومة وعدّتها وعتادها»، أما «الاستغناء عن العرض غير المسلح» فيعود إلى أن «الهدف من العرض العسكري عادة هو استعراض القوة في وجه العدو ومن يهمه الأمر، لكن حرب تموز كانت تجربة ميدانية ضخمة في المواجهة مع هذا العدو، تفوقت على أي رسالة عرض قوة يمكن أن يؤديها أي استعراض أو مظاهر عسكرية أخرى».
في جديد إحياء المناسبة لهذا العام، اقتصار الحملة الإعلامية على البانويات «الرسمية»، وتسليم إدارتها لشركات الإعلانات المعتمدة في لبنان، عكس ما كان يجري سابقاً من تكثيف للشعارات والملصقات والأعلام، وخصوصاً في الضاحية الجنوبية التي تكاد المناسبة لا تُرى ولا تُسمع في شوارعها وأحيائها إلا لماماً. وهذه «استراتيجية إعلامية جديدة يعتمدها الحزب لتطوير أدائه الإعلامي» بحسب المصادر الإعلامية. ويقتصر برنامج الاحتفال المركزي في مجمع سيد الشهداء، على كلمة لنصر الله، وكان سابقاً يتضمن كلمة لفلسطين، حماس أو الجهاد، إلا أنها غابت عنه منذ سنوات أيضاً. فيما تستريح عشرات السرايا من عناء التحضيرات والتدريبات للمشاركة في «عرض القوة».

Script executed in 0.18817090988159