أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

انتفاضة ثالثة؟

الثلاثاء 29 أيلول , 2009 04:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,486 زائر

انتفاضة ثالثة؟
ما قام به الاسرائيليون في المسجد الاقصى امس الاول الاحد، في يوم الغفران لا يغتفر. وهو انما يدل على انهم قرروا الانتقال الى المرحلة النهائية من هجومهم الواسع على القضية الفلسطينية، التي بات يمكن ان تختزل بالمقدسات الاسلامية في مدينة القدس، بعدما سقطت بقية المحرمات وتحول الشعب الفلسطيني بكامله الى اسير في الداخل او الى منسي في الخارج.
بحماقة موصوفة من ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما او ربما بفخ محكم نصبه الاسرائيليون حصل رئيس وزرائهم بنيامين نتيناهو على ما يشبه الضوء الاخضر لاستكمال ذلك الهجوم، وتركيزه على مدينة القدس المحتلة، وعلى مسجدها الذي لا يمكن لاي مسلم في العالم ان يتسامح مع المس بمكانته الدينية والتاريخية. وهو هجوم يعني ان واشنطن، التي تخوض حربا على الاسلاميين في افغانستان والعراق، افسحت المجال لنهوض اسلامي جديد في المشرق العربي يتولى تحت شعار نصرة الاقصى قيادة الصراع مع اسرائيل، كما منحت طهران التي تكافح حصارا مرشحا للتشدد، فرصة اضافية لكسب المزيد من الدور والنفوذ في العالمين العربي والاسلامي .
كان هذا بالتحديد الخطر الجدي او ربما الفتيل الذي اشعله اوباما عندما تراجع امام نتيناهو عن شرط تجميد الاستيطان في الضفة، وبالتالي عن تشريعه في القدس الشرقية، وهو ما لم يلاحظه الكثيرون من مريدي الرئيس الاميركي من العرب الذين ما زالوا معجبين بلون بشرته السمراء، ويعتمدون على جذوره الاسلامية المشكوك فيها اصلا، من اجل انتاج الدولة الفلسطينية، وتحرير الاقصى، ويتكهنون بانه قد يأتي يوم يكون فيه ضيف الصلاة في اولى القبلتين وثالث الحرمين، تحت العلم الفلسطيني.
ما حصل مخيف بكل المعاني. وحتى الموضوعيين في تقدير سلوك اوباما يجدون صعوبة في فهم اصراره طوال ثمانية اشهر على تجميد الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات، ثم تخليه فجأة عن هذا الشرط الذي يترك السلطة الفلسطينية في العراء، او ما اسوأ منه، كما يضع جميع «المعتدلين العرب» في موقف حرج امام جمهورهم الذي ينتشر فيه الاسلاميون بسرعة، وامام ايران التي ترى ان التخاذل العربي تجاه القضية الفلسطينية هو بوابتها الواسعة وحصنها الاكيد الذي يمكن ان يحمي برنامجها النووي ويعزز موقفها التفاوضي مع الغرب.
لن يتردد الاسرائيليون في انتهاز هذه الفرصة الذهبية لتغيير وجه القدس ومعالمها، وربما لن يتريثوا في محاولة صيانة هذه الوقائع الجديدة بحملة عسكرية تستفيد الى الحد الاقصى من الضوء الاخضر الاميركي، وتستدعي من الاميركيين الالتفات مرة اخرى الى ان دولة اسرائيل جزء رئيسي من منظومة الامن الاقليمي الشاملة والممتدة الى ما وراء الخليج العربي، لا يمكن اغفاله او تأجيله الى ما بعد التفاوض مع ايران حول وقف برنامجها النووي.
ثمة نظرية شاعت في الايام القليلة الماضية مفادها ان الظرف ملائم لانتفاضة فلسطينية ثالثة. والمبرر قد يكون اقوى من الانتفاضتين السابقتين في العام 1987 والعام 2000. لكن احدا لم يلاحظ ان الشعب الفلسطيني لم يعد يقوى على تحمل الاعباء لوحده عن الامة كلها.

Script executed in 0.20257091522217