تحت عنوان "قصر دبانة في صيدا: آخر القصور العثمانية النابضة بالنوستالجيا" كتبت جويل رياشي في الأنباء الكويتية: من مدخل متفرع في زقاق ضيق في سوق الشاكرية في صيدا القديمة، درج ضيق يقودنا الى فضاء واسع. نقرع الجرس، فيفتح على إثره باب مزود بقفل كهربائي، لنبحر في تاريخ قصر شيده المغربي علي آغا حمود أحد اعيان المدينة خلال الحكم العثماني في 1721، وانتقلت ملكيته الى عائلة جوزف دبانة في 1800.
أقامت العائلة في القصر بأجيالها المتعاقبة حتى 1978 (سنوات الحرب الأهلية)، الى ان فرضت «ظروف الأمر الواقع» وقتذاك رحيلها ودخول لاجئين الى القصر والسكن فيه ضمن ما اشتهر بكلمة «المصادرة» (الاحتلال عنوة) في الحرب.
استمر احتلال القصر حتى 1983، ثم بدأ ترميمه في العام 2000 بعد إنشاء وقف خاص بعائلة دبانة في 1999.
وفي العام 2001 فتحت أبوابه امام الزوار، وانتسب الوقف الى المجلس الدولي للمتاحف ولجنة المساكن التاريخية ـ المتاحف.
من طبقة واحدة تميزت بخصائص الدار العربية – العثمانية الخاصة بتلك الحقبة، الى تشييد طبقة إضافية في 1920 (تاريخ نشوء دولة لبنان الكبير)، وسقف المنزل بالقرميد الاحمر المتوسطي، وإلغاء السقف الذي كانت تدخل منه الأنوار الى المنزل.
اشياء عدة تبدلت وفرضتها ظروف العائلة، بينها الزوجة الفرنسية لابن جوزف دبانة (الجيل الثاني للعائلة)، ابنة واضع القانون المدني الفرنسي. وتركت السيدة لمستها حتى يومنا هذا بقفص خشبي لعصافير الكنار، الى لوحة زيتية لوالدها.
تتولى الموظفة لمياء فتح أبواب القصر أمام الجمهور وترافق السياح شارحة بإسهاب عن هندسة الغرف والقاعات في الطبقة الرئيسية.
وتقرأ عبارة نقشت فوق إحدى العتبات: «لن يبلغ الأعداء منك مرادهم، كلا ولن يصلوا اليك بمكرهم».
وتضيف السيدة الصيداوية: «هذا القصر أقدم من قصر بيت الدين (في الشوف) بمائة سنة».
وتشير الى رغبة العائلة في إدخال جديد اليه، علما ان الطبقة العلوية فرشت أرضيتها بخشب الباركيه وخلت من الأثاث، ومنها درج الى السطح الذي يمكن من رؤية مدينة صيدا القديمة وقلعتها البحرية من فوق.
للقصر واجهة من خارج السوق، لكن دخول الزوار اليه محصور من السوق الشعبي او ما يسمى بـ«البلد».
في الداخل عالم آخر، وثلاثة دواوين تفصل بينها نافورة ماء كانت تستعمل لعدم سماع الأحاديث بين الجالسين في الدواوين.
لوحات قديمة ومطرزات وآلات موسيقية وبنادق، تسحبنا على الأقل الى قرنين الى الوراء، وتجعلنا نفكر بقصر جولتنا في المدينة القديمة على هذا المنزل، والبقاء فيه ما أمكن.
الورثة يزورون بيتهم باستمرار بحسب الزميلة لمياء، التي تسارع الى القول: «هذا بيتهم ومن الطبيعي ان يتفقدوه ويقفوا على حاجاته».
ويذكر أن عدد الزوار للمتحف يبلغ معدله السنوي نحو 20 ألف زائر من بينهم زوار عرب وأجانب من بينهم الكثير من العائلات الخليجية الذين عبروا في سجله الذهبي عن مدى إعجابهم بهذا المعلم التاريخي وما يتضمنه من زخارف ونقوش مميزة.
والحكومة اللبنانية أدرجت قصر دبانة على قائمة المباني الأثرية في لبنان منذ العام 1968م وأن كل المفروشات التي كانت موجودة عندما كانت العائلة تسكن القصر مازالت موجودة فيه والزائر يشعر خلال زيارته لغرف المبنى وكأن العائلة مازالت تسكن فيه وكل المفروشات من أثاث وسجاد وغيره مازالت في حالة جيدة جدا.