أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

نداء طبيب من بلدة شحور التي كان على متن الطائرة الايرانية 24 من أبنائها: شاهدتُ خرق الحجر المنزلي بعيني، فهل من يشعر مع الناس؟ (النهار)

الخميس 27 شباط , 2020 07:26 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 110,436 زائر

نداء طبيب من بلدة شحور التي كان على متن الطائرة الايرانية 24 من أبنائها: شاهدتُ خرق الحجر المنزلي بعيني، فهل من يشعر مع الناس؟ (النهار)

كتبت "النهار": تتكشف الثغر في اجراءات الحجر المنزلي الهشّ وفي غياب الرقابة الفاعلة مع القصص الخارجة الى العلن لركاب أتوا من أماكن ينتشر فيها فيروس كورونا، وهم يقطنون اليوم في منازلهم ويختلطون مع أفراد العائلة، لا بل أن روايات تتحدث أيضاً عن التزام بالبقاء في المنزل.

بلدة شحور في قضاء صور، هي واحدة من البلدات الجنوبية التي تعيش حالاً من البلبلة والارتباك بعد وصول 24 من أبنائها اليها، وقد كانوا في عداد ركاب الطائرة الايرانية التي حطت في مطار رفيق الحريري الدولي في 24 شباط الفائت.

عدم التزام الواصلين بتدابير الحجر المنزلي، جعّل الطبيب عصام الزين يرفع الصوت صوناً لصح أهل بلدته.

ابن البلدة الذي يملك عيادة فيها، ينتقد "الاجراءات الهزيلة المتخذة"، ويقول أنه "رأى بأم العين زائراً عائداً من ايران يضع الكمامة ويعاني من عوارض انفلونزا، وقد دخل صيدلية ليبتاع أدوية، وعائداً آخر يقصد الحلاق لمدة نصف ساعة بينما كان هناك زبائن آخرون في صالون الحلاقة"، وفق روايته. هذا الأمر دفع الزين للتواصل مع الهيئات المحلية ومخفر بلدة جويا لاتخاذ اجراءات متشددة، ويروي أنه نجح بالغاء ذكرى أسبوعين لمتوفيين كان من المقرر أن تُقاما يوم غد، منعاً لاقامة تجمعات وتبادل السلام بين الحشود في البلدة.

وفي حين تلقى مبادرة الزين مباركة من سكان البلدة، كما يرى، فان ثمة من هو ممتعض من رفع الصوت "تشويهاً لسمعة البلدة". لكن الأمر لا يثني الطبيب عن اكمال ما يقوم به والتعليق عبر صفحته على "فايسبوك"، أما التواصل مع وزارة الصحة فـ"ليس من مهمته بل من مهمة البلدية"، كما يقول.

في السياق نفسه، نتحدث عبر الهاتف الى المختار وسام الزين وهو مختار في البلدة وصاحب حملة كان يصطحب نحو 70 شخصاً الى ايران وقد عادوا جميعاً على متن الطائرة الايرانية في الـ24 من الشهر الجاري.

حين تحدثنا الى المختار كان يقحّ وأخبرنا أنه يعاني من "حساسية منذ 25 يوماً". سمعنا أيضاً عبر الهاتف صوت طفل صغير الى جانبه، وقد أخبرنا المختار أنه يعزل نفسه مع زوجته وابنه في منزله، وقد كانوا جميعاً في ايران. وأشار الى أن أفراداً من البلدية والهيئة الصحية الاسلامية التابعة لـ"حزب الله" ووزارة الصحة يقومون بالاشراف على عملية الحجر. ونفى بشكل عام ما يثار حول خرق اجراءات الحجر المنزلي، وكذلك نفى رواية الطبيب الزين. 

المختار أشار الى أنه لا يخرج من منزله وهناك من يوصل له البضائع والحاجيات اليومية. ويتحدث الزين عن اجراءات المطار، فيشير الى ركن الطائرة مدة نصف ساعة بعد وصولها وتخفيف التهوئة داخلها، "الأمر المضر صحياً لاسيما في حال وجود أشخاص يحملون الفيروس"، ويقول أنه تم أخذ حراراتهم وطرح أسئلة صحية عيلهم وأخذ بيانات منهم قبل أن يذهبوا الى منازلهم.

ويشير الى انشائه "غروب" على واتساب للتنسيق بين نحو 120 شخصاً من الزوار العائدين في البلدة والبلدات المجاورة، وقد أدخل مندوب وزارة الصح الى المجموعة ليبقى. وفي رأيه، "لا يمكن الحجر على كل الأشخاص العائدين من ايران نظراً لعددهم الكبير"، متسائلاً "لماذا التركيز على طائرتين وماذا عن الطائرات التي سبقتها ولحقت بها؟".

شاهد عيان يفضّل عدم ذكر اسمه منعاً لاثارة النقمة ضده "ممن يريد التغطية على الأمور"، كما يقول. ومن هم هؤلاء؟ "للأسف هناك أشخاص يتعاملون مع المسألة وكأنها تمسّ بسياسة أو حزب أو مجموعة، فيغضبون إن انتقد أحدهم خروقات اجراءات العزل". ويشير الى توثيق حالتي زائرين خرجا من منزلهما على الأقل". أما المختار فيرى أن الآتين من ايران "يخضعون لضغط اجتماعي داخل القرى فلا يجرؤ كثيرون على الخروج من المنازل". لكن هذه المعادلة تبقى غير مقنعة طالما أن الوزارة لم تكن الممسك الأساسي بالتدابير  بطريقة علمية شفافة، وطالما أن اجراءات منع وصول الرحلات من الأماكن التي ينتشر فيها الفيروس لم تتخذ حتى انتهاء الأزمة. 

ويذكر أن راكبة عائدة على متن احدى الطائرات الايطالية كانت عبرت بالأمس لـ"النهار" عن انتقادها الاجراءات المتخذة وجهلها باجراءات الحجر المنزلي، وقالت رولا خوري: "خوفاً على عائلتي، حرصتُ على عدم الاقتراب منهم لدى عودتي، وأحضرت السائل المعقم لغسل كافة أغراضي. أعيش يومياً حالة من القلق الشديد لخوفي على المحيطين ولشعوري بأني أجهل إجراءات الوقاية الصحيحة. كما أني أحرص على الابتعاد عنهم إلى حد كاف، لكني أشعر بقلق دائم. حتى أني فضّلت عدم التوجه إلى مكان العمل خوفاً من نقل العدوى إلى الآخرين". تتابع خوري: "أجهل كيفية التصرف فعلياً وكنت أتمنى لو أنه كان هناك المزيد من التعليمات والتوجيهات لتزويدنا بها لنعرف كيفية التصرف لمنع انتقال العدوى إلى الآخرين. فهل العزل يعني الإقامة في منزل آخر بعيداً عن أفراد العائلة أيضاً؟ وما الإجراءات التي يجب اتخاذها لحماية الأطفال وأفراد العائلة، خصوصاً أنّ ثمة تفاصيل كثيرة تؤثر إلى حد كبير ولا يمكن التهاون فيها لأن الفيروس سهل الانتشار".

وانتقد الدكتور رياض فضل الله، مستشار وزير الصحة الذي كان على متن الطائرة الايرانية، اجراءات الحجر المنزلي المتبعة، قائلاً لـ"النهار": "أنا في حجر منزلي بعيداً من عائلتي، لكن ماذا عن باقي الركاب؟". سؤال نضعه في عهدة وزارة الصحة وجميع المعنيين. فهل من يسمع ويشعر بمخاوف شعبه وهو يراقب عدّاد كورونا الشغّال؟ 

(النهار)

Script executed in 0.1952760219574