أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

تربية النحل في بنت جبيل ضربها عدوان تموز ولم تلتفت إليها الدولة

الإثنين 05 تشرين الأول , 2009 04:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 5,698 زائر

تربية النحل في بنت جبيل ضربها عدوان تموز ولم تلتفت إليها الدولة
يتحسر الحاج ابو فؤاد على «عز أقفل»، وهياكل خشبية لقفران نحل عرفت الحياة يوما. يشير أبو فؤاد بإصبعه، في بستانه في بلدة عيتا الشعب، إلى كومة من الصناديق الخشبية المجموعة في إحدى الزوايا متحدثا عن عشرات الكيلوغرامات من العسل البلدي الاصلي التي كان يجنيها من إنتاج قفرانه قبل أن تتكفل الحرب بنفوق معظمها. لم يبق من ثروة أبي فؤاد البلدية والصحية «إلا ثلاثة قفران فقط يوزع إنتاجها على أفراد العائلة للمؤونة السنوية».
ليست حال أبي فؤاد كمزارع جنوبي فريدة في المنطقة. أصاب الرجل ما أصاب العشرات غيره، وفقدوا مئات القفران جراء الحرب في الوقت الذي كانت فيه هذه الزراعة المنتجة تشهد نموا لافتا حتى العام 2005 عندما وصل تجاوز عدد قفران النحل الى خمسة آلاف و500 قفير توزعت على مئات المالكين، وهو رقم قياسي للمنطقة التي كانت تعتبر تربية النحل مجرد هواية لا مهنة أو مصدر عيش. ولكن هذا العدد انخفض الى اقل من النصف بعد ذلك بعد ان عزف عدد كبير من المربين عنها.
في مثل هذه الايام يبدأ مربو النحل بقطاف غلتهم من العسل. تبدأ القطفة الأولى من قطفتين سنويا، وتعرف بالقطفة «بالصيفية» والثانية «بالشتوية»، ولكل واحدة منهما ميزاتها وطعمها.
يشرح يوسف عطوي، «نقطف العسل مرتين سنويا، الأولى خلال شهر نيسان والثانية عند نهاية الصيف، حيث يحتوي كل قفير من النحل على عشرين قرصا من الشمع فيما ينتج كل قرص في المواسم الجيدة حوالى عشرة كيلوغرامات من العسل، وبالتالي فإن مردود هذه الزراعة يمكن أن يكون جيدا جدا في حال توافر أسواق تصريف له بالاضافة الى السعر المناسب». ويلفت عطوي إلى أن معدل إنتاج القرص في الدول الاوروبية يمكن ان يصل الى ثلاثين كيلوغراماً في حين ان أقصى إنتاجه لدينا يصل الى 15 كيلوغراما فقط، أي النصف، في حين وصل سعر القرص مع النحل الى عشرة دولارات أي أن القفير الواحد من النوعية الجيدة يباع بمئة دولار، والملكة إلى 25 دولاراً، ولكن سعر السوق تجاوز هذا السعر بسبب الاقبال المتزايد على هذه الزراعة.
ويوضح نعمة بزي «أن مرض القحلة هو من أبرز الأمراض الذي يصيب النحل، فيما الاهتمام الرسمي بهذه المهنة لا يزال محدودا، هذا بالإضافة إلى مرض الفروا». ويلفت بزي إلى «وجود نحو مئة ألف خلية نحل في لبنان، ثلثها يعاني من الإهمال الكامل، في حين أن الباقي يقتصر الاهتمام به على المستوى الفردي، علما أن عددا كبيرا من مربي النحل هم من المبتدئين الذين تعلموا المهنة عبر دورات تدريبية لجمعيات أهلية ولمدة لم تتجاوز اليومين أو الثلاثة أيام، وهي فترة غير كافية للتعليم».
ويعتبر عطوي «أن العسل المحلي يفتقر إلى الحماية من العسل المستورد، خاصة ان الأخير يباع بسعر اقل من المحلي، وقد قامت الدولة، بدل الحماية، بخفض الرسوم الجمركية على العسل المستورد الذي أصبح يباع بحوالى عشرة آلاف ليرة للكيلوغرام الواحد، في حين أن العسل المحلي يكلف 15 ألف ليرة للكيلوغرام الواحد ويباع بعشرين ألفا ويرتفع إلى ثلاثين ألفا للنوعيات الممتازة». ويشكو عطوي كما غيره من المزارعين من أن العسل المستورد لا يخضع لأي مواصفات للجودة، مما يوقع الزبون القليل الخبرة بالغش، ويرى بزي أن سعر الثلاثين ألف ليرة هو مقبول نظرا للاوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن».
ويؤكد الجميع ان لا كميات مكدسة للانتاج بل ان معظم ما ينتج سنويا يباع قبل قطافه أحيانا، لذلك يمكن ان يشكل هذا القطاع اساسا لزراعة محلية مزدهرة، ومع بعض العناية يتحول الانتاج الى منافس قوي في الاسواق الخارجية التي تفتقر الى نوعيات مشابهة لما ينتج هنا، حيث إن لطبيعة المنطقة الجبلية تأثيرا كبيرا على ازدهارها، فنوعية العسل الذي ينتج هنا والذي يكون نتاج أعشاب برية وجبلية، لا سيما الصعتر والقصعين، غير متوافرة في المناطق الساحلية، التي يعتمد نحلها على زهر الليمون كثيرا، وبالتالي فإن العسل الجبلي برأي الجميع هو أكثر غنى وفائدة من الناحية الطبية، كما أنه ألذ مذاقا أيضا، لذلك يفضله الكثير من المستهلكين أصحاب الخبرة.
ويأمل المزارعون في المنطقة أن تبادر الدولة إلى حماية القطاع الذي يمكن أن يشكل مصدر دخل رابحا بالنسبة للمزارع أو على الاقل مصدر دخل إضافيا بالنسبة للموظفين، خاصة خلال أيام الشتاء، حيث يكون العمل الزراعي والتجاري في المنطقة في أدنى مستواه.
ويلفت بزي الى ظاهرة غريبة حدثت في أعقاب عدوان تموز 2006، حيث غادر النحل قفرانه ولم يعد رغم وجود كميات كبيرة من العسل داخل الأقراص، هذا بالإضافة إلى التلوث البيئي الناتج من العدوان والذي أدى إلى تضاؤل كميات الإنتاج مقارنة مع مواسم سابقة.
ولم ينس المزارعون المطالبة بتنشيط عمل تعاونيات الزراعية التي من أهم مهامها العمل على تسويق المنتجات الزراعية، بالاضافة الى زيادة الاهتمام الرسمي بهذا القطاع ليتناسب مع النمو الذي يشهده، وإصدار نشرات خاصة من الوزارة وإنشاء مراكز لتأصيل الملكات وتربيتها، لأن الملكة الجيدة هي العامل الأساس في وفرة الإنتاج والمساعدة في تحسين السلالة المحلية لأنها تتأقلم مع الطبيعة اللبنانية.

Script executed in 0.17301392555237