أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

صراع بين شركتي نقل ينتج رصاصاً وجريحين في برج حمّود!

السبت 17 تشرين الأول , 2009 04:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,031 زائر

صراع بين شركتي نقل ينتج رصاصاً وجريحين في برج حمّود!
قبل ساعة من الزمن، عندما سقط الجريحان سعيد الياس عبد النور وجوزف معوض، كان المشهد مغايراً: حشود غفيرة تكتظ أمام الملعب وصراخ يعلو في الأفق. الوفود المتجمهرة مع سائقي الحافلات الخاصة تكر وتفر عقب سماع إطلاق عيارات نارية. مجموعات من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي تفترش المكان.
بدأ الخلاف بين سائقي حافلتين لنقل الركاب، رقم «5» ورقم «8»، يعتمدان وجهة سير واحدة، من عين سعادة الى الحمراء. لكنهما مخلتفان في «الانتماء» إلى شركتين مستقلتين.
ومشكلة الأمس هي تتمة لخلاف بين سائقي «الرقمين»، تتكرر فصوله يومياً.
يجمع أغلبية الشبان الذين تواجدوا أمام الملعب، عقب الحادثة، على أن سائقي الرقم 5 يتعرضون يومياً للمضايقات من قبل أفراد الحافلة رقم 8، بغية منعهم من كسب رزقهم، متذرعين بأنهم يعملون على وجهة السير ذاتها.
يجلس كل من ايلي بلدي وشربل سليمان على حافة اسمنتية، مجاورة لمكان الحادثة. وهما سيصبحان «وكالة أنباء» شبه رسمية للوسائل الإعلامية الباحثة عن الخبر. يقول إيلي إن «رقم 8 محسوبين على جهة سياسية بارزة في السلطة، وهم دائماً يعمدون الى تكسير حافلات الرقم 5. واليوم (أمس)، اعتصم سائقو الرقم 5 احتجاجاً على المشاكل التي يواجهونها. وإذ بسيارة تمر وتطلق النار عليهم».
يتنهد الشاب قليلاً، ثم يستأذن صديقه لإكمال الحديث: «أسماء مطلقي النار معروفة. سائقو الرقم 5 يعرفونهم. لكن المضحك، أن عناصر قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني لم يحركوا ساكناً لحظة إطلاق النار. يمكنك أن تسأل أي أحد». لكن، أين اختفى سائقو الحافلات رقم 5؟
يجيب الفتى: «قالوا بأنهم سيتوجهون الى قصر العدل في الجديدة للادعاء».
نتوجه الى منطقة الجديدة.
يستغرب عنصر الأمن الواقف على مدخل قصر العدل سبب توافد بعض الصحافيين: «شو فيه ببرج حمود؟» يسأل. ثم يجيب: «لم يأتِ أحد الى هنا، اسألوا عنهم في المخفر». السؤال، والجواب نفسه، في مخفر الجديدة: «لا أحد هنا». فنعود الى برج حمود.
«نحن دمنا 5!»، يقول ايلي ممازحاً صديقه. بمحاذاة ملعب برج حمود، تتوزع المحال التجارية المتعددة. الرواية نفسها يسردها أصحاب المحال: «مشكلة بين رقم 8 و5، متل العادة. بس اليوم صار فيه اطلاق نار. والغريب انو كان فيه درك وجيش قبل ما يطلع رصاص، وما عملوا شي!»، يخبرون.
كأن الرقمين أصبحا من الأعلام في لبنان، وهم، «يشجعون» الرقم 5.. «لأنن مظلومين».
هنيهات، وتصل حافلة محطّمة الزجاج. يردف شربل بأن صاحبها بات من المخضرمين في هذه المهنة، وهو لا ييأس. كلام شربل مقتضب، على عكس المخضرم نفسه، عبد المسيح الخوري.
يسهب الرجل الخمسيني في الشرح: «اليوم صباحاً، تعرضت حافلتي في منطقة البدوي للتكسير، وكان معي ركاب. كانت الساعة السادسة صباحاً. وكنت متوجهاً الى ساسين. أنا أعرف أسماءهم جميعاً، وسجل عندك اسم المسؤول عنهم: (ق....).
لكن بما أنك، أنت وزملاءك، تعرفون أسماءهم، لماذا لا تدّعون عليهم في القضاء؟
يهز عبد المسيح رأسه لافتاً الى أنهم، أي «مجموعة» الرقم 5، كانوا قد توجهوا يوم أمس الأول الى القضاء (العدلية)، لكنهم احتجزوا مدة 12 ساعة بغية تدوين افاداتهم: «نعلم أن الدولة لا تريد أن تلقي القبض عليهم، والدليل ما حصل اليوم!».
يقول الرجل، وهو أب لخمسة أولاد، أنه، منذ خمسة أيام، تعرضت خمس حافلات للتكسير الفادح في ساسين والسوديكو، والعدلية.
«نحن نطلب من الدولة حمايتنا. واذا كانت لا تريد الاهتمام بمشاكل شعبها، فنحن نعرف كيف نتصرف. سنأخذ حقوقنا بأيدينا، نحن فينا نحمل سلاح كمان»، يردف الخوري، الذي جزم بأن تكلفة الأضرار التي نجمت عن الحادثة 2000 دولار: «من وين بدي جيبون؟ أنا مستأجر الباص، وعندي اولاد. وين كرامتنا؟».
يتكرر اسم (ق...) على ألسنة الجميع، معطوفاً على أسماء أخرى تعمل في إحدى أبرز شركات النقل والتي تنبثق منها الحافلات الرقم 8.
ثم يسهب أصحاب «الرقم 5» في سرد المنغصات التي يواجهونها: هناك شبان ينتظروننا دوماً في بشارة الخوري والحمراء، يهددونا بدفع المال والا يكسرون حافلاتنا! والسبب أنهم يريدون الاستئثار بالمهنة».
وقد تفاجأ رافي داغليان، منذ يومين، برؤية حافلته الجديدة مهشمة عن بكرة أبيها: «كنت قد ركنتها في الفنار. وصلت صباحاً، ورأيتها مكسرة، حتى الاشارات! ما يقهرنا أننا نعرفهم بالأسماء، والدولة لا تتحرك. أين العدل؟».
يستهزئ زميله من كلمة «عدل»، مشيراً الى أن الدولة «لو أرادت القاء القبض عليهم، تستطيع فعل ذلك الآن». لكن، كيف هذا؟
يجيب الشاب، وهو المراقب العام عن سائقي حافلات الرقم 5: «ببساطة، جل ما عليها فعله، هو أن ينتظر عناصر من قوى الأمن أو أي جهة أمنية في الشارع الذي تمر منه الحافلات، وبالتحديد في منطقة الحمراء، ثم سيشاهدون بأم العين ماذا سيحدث ما ان تمر حافلة تحمل الرقم 5». ثم يضيف: «نحن لسنا في غابة. لكن الدولة ستجبرنا على التعامل بشريعة الغاب اذا لم تأخذ لنا حقوقنا. جل ما نريده هو الحماية فقط».

Script executed in 0.17614388465881