في مؤشر جديد لتدهور الاقتصاد اللبناني، أعلنت شركة كوكاكولا في لبنان، إنهاء عملها بشكل نهائي الخميس، وتسريح جميع العاملين لديها.
ويأتي القرار على وقع الأزمة المالية التي شلت الحركة التجارية في البلاد، لا سيما عملية استيراد المواد الأولية للتصنيع وإجراء التحويلات المصرفية إلى الخارج، بحسب بيان الشركة.
وتعتبر هذه المرة هي الثانية التي تعلن فيها شركة كوكاكولا إنهاء عملها في لبنان، حيث كانت الشركة الأولى التي أعلنت إيقاف عملياتها التشغيلية خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990).
لكن الخبراء يرون في هذه الخطوة التي اتخذتها الشركة العالمية تبعات اقتصادية خطيرة تعكس ما عاشته البلاد في الحرب الأهلية، التي أسدلت ستارا من الأزمات الاقتصادية المتتابعة لا تزال البلاد تصارع للخروج منها.
وفي هذا، يقول الخبير الاقتصادي اللبناني، حسن خليل، لموقع الحرة إن الأسباب التجارية ذاتها دفعن الشركة إلى إغلاق أعمالها مجددا.
وقال خليل إن "لبنان في حالة انهيار شامل، ونحن في حالة غير مسبوقة في تاريخ الدولة، فالقدرة الشرائية أصبحت حكرا على قلة قليلة جدا في المجتمع".
ويتوقع خليل "وقوع كارثة أخرى، هي انضمام الطبقة المتوسطة إلى صفوف الطبقات الفقيرة، بعد نفاد مدخراتها".
وأشار الخبير اللبناني، إلى أن الأزمة الاقتصادية لا تتجسد في إغلاق شركة كوكاكولا أبوابها فقط، فالمواد الغذائية بدأت تنفد من المتاجر، وسط توقف لعمليات الاستيراد.
وأوضح خليل أنه "لا يوجد استيراد تقريبا، فالمستثمرون لم يعودوا قادرين على شراء المواد الأولية اللازمة للصناعة".
وأضاف خليل لموقع الحرة "أتوقع أن ينهار النظام الاقتصادي اللبناني، ولا يوجد حل غير تغيير بنية النظام، فلبنان محكوم من قبل مجموعات من المافيا".
ورغم اندلاع الأوضاع في لبنان حاليا، فإن تدهور الأحوال الاقتصادية ليس وليد اللحظة، وإنما يعود لأعوام سابقة، عندما اعتمد لبنان في التسعينيات رؤية اقتصادية تعتمد على الخدمات خاصة للبلدان المجاورة، فباتت الأوضاع مرهونة بالأجواء السياسية في المنطقة، بحسب تقرير لمعهد كارنيغي للدراسات السياسية.
وأوضح التقرير أن حكومة رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، قد ركزت على استمالة المودعين الأجانب من خلال الفوائد المرتفعة من أجل إعمار البلاد، ما تسبب في نشوء اقتصاد ريعي، دون الاهتمام بالقطاع الإنتاجي.
كما تسببت المساومات السياسية على مدى السنوات السابقة، بتعطيل الإصلاحات الضرورية، مما أدى إلى تفشي الفساد واستمرار حالة انعدام للاستقرار.
وبدأت معالم الانهيار الاقتصادي بالظهور في لبنان منذ صيف العام 2019، مع بروز سوق موازية لسعر صرف الليرة اللبنانية وشح الدولار، ما دفع بمئات آلاف اللبنانيين إلى النزول إلى الشارع لأشهر عدة رافعين الصوت ضد الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد ويحملونها مسؤولية أزمتهم المعيشية. وأطاحت التظاهرات بالحكومة السابقة.
ومع تفاقم الشلل الاقتصادي، طفح كيل جزء كبير من اللبنانيين بسبب تراجع قدرتهم الشرائية بعدما سجلت الليرة اللبنانية بداية الأسبوع الحالي انخفاضاً قياسياً جديداً في السوق السوداء لتتخطى عتبة أربعة آلاف مقابل الدولار، تزامناً مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 55 في المئة، بحسب وكالة فرانس برس.
وبات 45 في المئة من اللبنانيين، بحسب تقديرات رسمية، يرزحون حالياً تحت خط الفقر، بعدما خسر عشرات الآلاف مورد رزقهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر الستة الماضية.
وقد أعلنت الحكومة اللبنانية الخميس أنها ستطلب مساعدة صندوق النقد الدولي من أجل وضع حد للانهيار الاقتصادي المتسارع، بعدما أقرت بالإجماع خطة إنقاذ إصلاحية قالت إنها ستشكل "خريطة طريق" لإعادة إطلاق العجلة الاقتصادية وسط غضب الشارع.
قال رئيس الحكومة حسان دياب في كلمة وجهها الى اللبنانيين عصر الخميس "سنمضي في طلب برنامج مع صندوق النقد الدولي"، واصفاً خطة حكومته بأنها "خريطة طريق واضحة لادارة المالية العامة".