هو حلم معظم شباب البلد اليوم...الهجرة الى بلاد بعيدة في محاولة للنجاة من سياسات أفقرت الشعب، الذي بات يغرق دون أن تمد له يد النجاة...لكن قدر حسين كان الغرق في بلاد أخرى هرب إليها خوفاً من غرق أحلامه.
هي قصة حسين يوسف مهدي الشاب المثقف الطموح المتعلم والمكافح كما يصفه الجميع. ابن بلدة حجولا في جبيل البالغ من العمر 27 عاماً، ومن الحلم الكثير الكثير ولكن أحلامه بقيت حبراً على ورق وذاب الحبر والحلم في مياه نهر بعيد حيث وافته المنية.
وفي التفاصيل التي حصلنا عليها من العائلة ان حسين يتيم الأم وهو وحيد أبيه، درس وكافح وعمل في نفس الوقت ليستطيع ان يؤمن قسط مدرسته وجامعته وحصل على شهادة في ادارة الأعمال.
ولكن كحال غيره من الشباب: "بلا واسطة ما في شغل".
ويروي لنا مصدر مقرب من حسين، أنه في ايام الانتخابات كان قد تلقى وعداً بفرصة عمل مقابل "صوته"، ولكن اختفت أصواتهم ووجوههم بعد الإنتخابات، وأخذوا صوته ومضوا يدوسون بأقدامهم على مستقبله وحلمه.
وبعد عدة محاولات فتك به اليأس، وقدم أوراقه للهجرة، لكن الحظ لم يحالفه، فاتخذ الهجرة غير الشرعية طريقاً له، وسافر الى تركيا وبعد عدة شهور ومحاولات مضنية وصل الى بولندا وبقي أمامه نهر واحد ليقطعه ويصل الى المانيا حيث يتواجد أحد اقاربه وهناك بدا يلوح له مستقبل مفعم بالأمل، لكن النهر الفاصل بين بولندا وألمانيا كان مرقداً لجثة حسين وأحلامه وآلامه ووجعه من وطنه لبنان الذي أماته في ريعان شبابه.
والمؤلم الإضافي ان جثة حسين بقيت مفقودة حوالي ثمانية أيام في النهر، بعدما كان قد فقد في الـ24 من الشهر الماضي.
والجدير بالذكر ان جثمانه يصل اليوم الى لبنان، البلد الذي هرب منه شاباً بعمر الورد ليعود إليه على الأكف جثة هامدة لا قدرة لها على القول: هذا البلد قتلني!
(زينب بزي- بنت جبيل.أورغ)