أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«الاتصالات» خشبة خلاص للجميع وأوّلهم الحريري!

الأربعاء 28 تشرين الأول , 2009 09:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,247 زائر

«الاتصالات» خشبة خلاص للجميع وأوّلهم الحريري!

استمرّت الأزمة الحكومية أمس من دون أي جديد على صعيد الاتصالات العلنية، فيما خرجت كالعادة سلّة من المواقف المتفائلة والمتشائمة في هذا الموضوع. وحقيبة الاتصالات، التي كانت حتى الأيام القليلة الماضية أمّاً للعقد الحكومية، باتت بناءً على المعلومات المتوافرة، خشبة الخلاص لكل الأطراف، وفي مقدّمهم الرئيس المكلف سعد الحريري من مرض طول أمد التأليف. وقال مطّلعون، أمس، إنّ البحث القائم الآن هو عن مخارج لائقة تظهر الحل، لكن وفقاً لقاعدة «لا غالب ولا مغلوب بنكهتها اللبنانية». وفي الآتي تلخيص لآخر التطورات التي تعزز هذه الفرضية:
دخلت الاتصالات واللقاءات مرحلة من السرية المطلقة، فغالبيتها تجري بعيداً عن الإعلام. هذا ما أكدته مصادر الحريري، ومصادر المعارضة. وبهذه السرية، حصلت لقاءات الحريري مع المعاون السياسي للسيد حسن نصر الله، حسين الخليل، ثم مع المعاون السياسي للرئيس نبيه بري، النائب علي حسن خليل. وهكذا كانت لقاءات النائب سليمان فرنجية مع العماد ميشال عون، الذي التقى أيضاً حسين الخليل، فيما يتواصل الأول هاتفياً يومياً مع الرئيس المكلف، وأحياناً لأكثر من مرة. وباتت السرية تطبع أيضاً الاتصالات اليومية بين سليمان وبري والنائب وليد جنبلاط. وفي المحصلة، يرصد المتابعون انفتاحاً وجدية في البحث عن حل، ويبشّرون بإمكان التوصل إلى التأليف نهاية هذا الأسبوع إذا استمرت وتيرة الاتصالات على حالها.
في موازاة ذلك، علمت «الأخبار» أن المعارضة كلّفت النائب فرنجية مهمة تدوير الزوايا مع الحريري. وأشارت مصادر مطّلعة إلى أنّ فرنجية «يقوم بجهد جبار بهذا الخصوص، ويضع العماد عون وحزب الله وحركة أمل في آخر التطورات ساعة بساعة». وفي هذا الإطار، بات مؤكداً أن حقيبة الاتصالات طرحت مجدداً على طاولة البحث، «لكن ليس من زاوية مبادلتها، بل إبقائها بيد تكتل التغيير والإصلاح»، كما يقول مطّلعون، وذلك لعدم قدرة الحريري على إيجاد صيغة مبادلة وازنة ترضي عون ولا تسبّب في الوقت نفسه فتح معركة مع حلفائه ولا سيّما سمير جعجع المتمسك بحقيبة العدل تحديداً.
وأشار مصدر قيادي في التيار الوطني الحر إلى أنّ الحريري أبدى في لقاء الرابية الأول، يوم السبت الماضي، استعداده لإعطاء حقيبة العدل للعماد عون بدل الاتصالات، كما «ناقش معه بعض الضمانات المتعلقة بالمحكمة الدولية». وأكد عون، خلال اللقاء، أنّ ملف المحكمة ليس بنداً خلافياً، «فهي أول ما تم التوافق عليه على طاولة الحوار الوطني، ونحن معها ما دامت لا تتعارض مع السيادة اللبنانية». وبحسب المتحدث نفسه، شدد عون على مبدئية محاربة الفساد في وزارة العدل، فوافقه الحريري، مؤكداً أنه سبقه في الدعوة إلى هذه المهمة.
إلا أنّ الحريري، بحسب المصادر، عاد في اللقاء الثاني وسحب طرحه لأسباب متعلّقة بتحالفاته، حيث وعد العماد عون بالتواصل معه بعد إجراء بعض الاتصالات، وهذا ما لم يحصل بصورة مباشرة حتى اللحظة.
وبحسب مصادر مطّلعة على مسار المفاوضات، عاد البحث حالياً إلى تسويق صيغة «إبقاء القديم على قدمه»، مع إجراء بعض التعديلات الطفيفة التي لا تزعج أي طرف. وأكدت مصادر الرئيس بري أهمية هذا الطرح، لافتة إلى أنه «لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تساهم كتلة التنمية والتحرير، كما أي طرف في المعارضة، بإضعاف العماد عون الذي قدم الكثير من التنازلات». وتساءلت المصادر المقرّبة من بري: «هل يعقل أن تزيد كتلة العماد عون النيابية وتبقى حصته الوزارية على حالها، لا بل تضعف نوعيةً؟».
في هذا الوقت، وفيما هدأ الحديث عن الحكومة، عادت أمس وتكرّرت عملية إطلاق الصواريخ المجهولة تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكانت بلدة حولا الحدودية أمس منصةً لإطلاق صاروخ كاتيوشا على الأراضي المحتلة. وكتب مراسل «الأخبار» في الجنوب، داني الأمين، أنه في السابعة والربع من مساء أمس، أُطلق صاروخ مجهول المصدر من بلدة حولا (مرجعيون) في منطقة حيّ المرج، الذي يقطنه العديد من الأهالي الذين أصابهم الرعب خوفاً من أيّ ردّ إسرائيلي محتمل».
يشار إلى أنّ المكان الذي أطلق منه الصاروخ ملاصق لوادي الجمل، الذي فجّر فيه الجيش الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، أجهزة تنصّت عائدة له.
وكالعادة، جاء الردّ الإسرائيلي سريعاً. وباشرت المدفعية الإسرائيلية بعد عشر دقائق من الحادثة، إطلاق القذائف على منطقة انطلاق الصاروخ وجوارها. وأشار مصدر أمني إلى سقوط أكثر من عشر قذائف إسرائيلية من عيار 155 مليمتراً على بلدة حولا وجوارها. كما سقط عدد منها في وادي السلوقي، الفاصل بين بلدات شقرا وحولا ومجدل سلم، مع العلم بأن قذيفتين سقطتا بالقرب من منزل الجريح محمد حسين الحاج، الذي انفجرت به قنبلة عنقودية في وادي السلوقي نهار أوّل من أمس.

وعمد الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل» إلى تطويق المكان ومداخل البلدة، وإقامة حواجز أمنيّة مشدّدة، وتسيير دوريات مشتركة، وأخرى متفرّقة في جميع أنحاء المنطقة المجاورة. وساد نوع من الهدوء «المخيف» في أنحاء بلدة حولا والقرى المجاورة، وخصوصاً عندما عمدت طائرات حربية إسرائيلية إلى التحليق فوق مناطق بنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا، فيما حلّقت مروحيات عسكرية إسرائيلية فوق مزارع شبعا.
وأعلنت الناطقة باسم «اليونيفيل»، ياسمينا بوزيان، أنه «وفقاً للتقارير الأولية، سقط الصاروخ في شمال إسرائيل في محيط كريات شمونة، ورد الجيش الإسرائيلي بقصف مدفعي استهدف المنطقة التي انطلق منها الصاروخ». وقالت: «إن اليونيفيل لا تملك أي معلومات عن إصابات من كلا الجانبين، وهي على اتصال مع الطرفين، وتحثّهما على إبداء أقصى درجات ضبط النفس، والحفاظ على وقف الأعمال العدائية، وتفادي اتخاذ أي خطوات قد تؤدي إلى تعقيد إضافي»، مؤكدةً مباشرة التحقيقات اللازمة، وأنه بالتنسيق مع الجيش اللبناني، نُشرت قوات إضافية وقوة التدخل السريع في المنطقة.
أما الرئيس فؤاد السنيورة، فاستنكر «استخدام الأراضي اللبنانية لإطلاق صاروخ كاتيوشا بما يتخطى الحدود اللبنانية ورد الفعل الإسرائيلي العدواني المتسرّع بإطلاق قذائف على مناطق جنوبية»، مؤكداً أنّ الحكومة «لا توافق ولن تسمح باستخدام الأراضي اللبنانية صندوقة بريد لأي طرف من الأطراف»، كما أكد الحرص على القرار 1701 وعلى أنّ «الحكومة ستعمل على إجراء التحقيق اللازم واتخاذ الإجراءات الضرورية للحؤول دون تكرار هذا العمل الذي يعدّ خرقاً للقرار الدولي».
في المقابل، حمّل الجيش الإسرائيلي الحكومة اللبنانية مسؤولية إطلاق صاروخ الكاتيوشا على منطقة في شمال إسرائيل. وأشار، في بيان، إلى أنه «يكتفي بالردّ على العملية بإطلاق عدّة قذائف باتجاه المنطقة التي أطلق منها الصاروخ وسيواصل مشاوراته في كيفية التعامل مع العملية».
ويؤكد أحد أبناء بلدة حولا أن «الصاروخ الذي سقط في شمال فلسطين، أطلق في الوقت الذي كانت فيه طائرة تجسّس إسرائيلية تحلّق فوق البلدة، ما يثير الشكّ حول الجهة التي أطلقت الصاروخ».

Script executed in 0.19222116470337