كتبت النهار اللبنانية:
أغلق كورونا الحدود بين الدول، أقفل المطارات، قطّع أوصال الكرة الأرضية، سجن اللبنانيين داخل كيلومترات محدّدة، لا سيما أولئك الذين جهزوا حقائبهم للهجرة، أو من كان في زيارة إلى وطنه وإذ به يُجبر على إجازة طويلة.
الأوضاع المتردية التي أرخت بظلالها على لبنان منذ سنوات، والتي استفحلت مع الأيام، حتى وصل البلد إلى مرحلة خطرة من الانهيار الاقتصادي والمالي، لا سيما مع ارتفاع سعر صرف الدولار ما انعكس ارتفاعاً في أسعار المواد كلها، عدا عن البطالة التي التهمت عدداً كبيراً من الشبان، والوضع الأمني المتفلت بين الحين والآخر، كل ذلك دفع العديد من الشبان والعائلات إلى طرق أبواب السفارات في محاولة للهروب من وطن لا يؤمّن لشعبه أبسط حقوقه. بعضهم استحصل على حلمه، حمل فيزة سفره، ركب الطائرة وانطلق الى المجهول المعلوم، مجهول في كيفية العيش ببيئة بعيدة عن بيئته، إلا أنه معلوم أن احترام الإنسان وتأمين حقوقه أمر لا نزاع فيه. وهناك من استحصل على الفيزا بعد طول انتظار وعندما قرر السفر وبدء حياة جديدة أُغلق المطار، ليفرض عليهم انتظاراً جديداً لم يكن يخطر على بال إنسان... وبعدما حُدِّد تاريخ إعادة فتح المطار في الأول من تموز المقبل، يتحضرون لمغادرة لبنان والهروب من كل الأزمات التي تعصف به.
تتهافت طلبات الهجرة على المترجمة المحلفة لدى المحاكم اللبنانية نتالي صليبا، والتي تملك مكتباً تقدم عبره طلبات الهجرة، وتقول لـ"النهار": "أعمل في هذا المجال منذ أربع سنوات، وللأسف يمكن القول إن طلبات الهجرة زادت منذ ذلك الوقت بشكل مخيف، وبعد أن كان الأمر في السابق يقتصر على شبان في مقتبل العمر أنهوا دراستهم الجامعية واتخذوا قرار الهجرة، أو أشخاص لديهم أقارب في الخارج، أصبح اليوم يشمل الجميع من دون استثناء، حيث أضحت الهجرة حلم كل اللبنانيين، لا بل بتنا نسمع في الفترة الأخيرة، عن شبان يسعون للحصول على تأشيرة سياحية كخطوة أولى لمغادرة البلد من دون رجعة، ويخططون لتمزيق جواز سفرهم بعد وصولهم إلى وجهتهم وتقديم طلب لجوء"، وشرحت: "في السنة الماضية كنت أستقبل نحو 5 طلبات هجرة في الشهر، في حين أتلقى يومياً في الفترة الأخيرة أكثر من ثلاثين اتصالاً من أشخاص يريدون الهجرة".
"لن يبقى أحد في لبنان"
الموافقة على طلب الهجرة إلى كندا ليست بالأمر السهل، "فهناك شروط صارمة منها: ألّا يتخطى مقدم الطلب الـ40 من عمره، وأن يكون حاصلاً على شهادة جامعية ويتحدث لغات أجنبية، حيث يخضع لفحص في اللغة الانكليزية والفرنسية، ويتوجب عليه أن يحصل على علامات ممتازة، لذلك هناك طلبات كثيرة ترفض". وشرحت: "عدد كبير من المواطنين الراغبين بالهجرة يقعون ضحيّة أشخاص يوهمونهم أنهم قادرون على تمرير ملفهم، وبعد أن يدفعوا لهم المال يخبرونهم أنهم لم ينجحوا في محاولتهم، وذلك على الشبان أن يكون لديهم الوعي ومعرفة شروط الهجرة".
الشابة هديل واحدة من سلسلة تطول قررت الهروب من وطن تتقاذفه الأزمات، بدأت قبل جائحة كورونا تحضير الأوراق المطلوبة لتقديم طلب الهجرة إلى كندا، وهي تنتظر أن تستكمل ملفها وأن يتحقق حلمها بمغادرة وطنها برفقة زوجها، حيث قالت: "لا يوجد في لبنان ما يدفعنا إلى البقاء فيه، يئست من إقناع نفسي بإمكانية تحسن الظروف والأوضاع، فكل يوم يكون أسوأ من سابقه، لذلك لم يعد لديّ أمل بمستقبل جيد إلا من خلال الابتعاد عن لبنان". وأضافت: "أثّر سعر صرف الدولار على راتب زوجي حيث انخفضت قيمته كما حال رواتب باقي اللبنانيين الذين يقبضون بالعملة المحلية، وارتفعت أسعار السلع، ولدينا دفعة شهرية للإسكان قدرها مليون ليرة"، وختمت: "حتى الآن يمكننا أن نأكل ونشرب لكن من يعرف ماذا يخبَّأ للبنان؟".
لقراءة المقال كاملاً: annahar.com/article/1213877
المصدر: أسرار شبارو- النهار