أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

قبل أن تقلب إسرائيل الطاولة!

السبت 31 تشرين الأول , 2009 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,682 زائر

قبل أن تقلب إسرائيل الطاولة!
صار لزاماً على الرئيس المكلف سعد الحريري المسارعة الى تلبية مطالب العماد ميشال عون و تشكيل الحكومة، بعد أن أقرّ له بحقيبة الاتصالات، فلم يعد من لزوم لمزيد من اللعب بالوقت الضائع، الذي تستفيد منه قوى الخارج على حساب لبنان، وبخاصة اسرائيل.
وفي تقدير مرجع كبير سابق أن الحكومة ستبصر النور حكماً في فترة لن تتجاوز عيد الاستقلال كحد أقصى، وإذا حسم الحريري أمره وسرّع التشكيل اليوم قبل الغد كان ذلك افضل له وللبلد ولكل القوى السياسية، التي فقدت بمعظمها مصداقيتها ورصيدها أمام جمهورها وأمام الرأي العام ككل. عدا عن أن البلد بات في مرمى الخطر الاسرائيلي مجدداً بعد تراجع المعطيات التي كانت تدفع باتجاه تعويم عملية التسوية، نتيجة السياسة الاسرائيلية المتطرفة، وعدم قدرة الادارة الاميركية ـ حتى الآن ـ على الضغط الفعلي لإجبار إسرائيل على التراجع لمصلحة التسوية المقبولة.
ويستعجل المرجع السابق عملية تشكيل الحكومة، لأنه يخشى ان تعمد اسرائيل الى قلب الطاولة بوجه الجميع، لأن التطورات الاقليمية والدولية ليست في مصلحة توجهاتها حتى الآن، والكل يضغط عليها للسير بالتهدئة والاعتدال، وإيران لا زالت قادرة على مواجهة كل الضغوط الاميركية والدولية عليها، وسوريا مرتاحة لوضعها، وقوى المعارضة اللبنانية غير قابلة للكسر.
وقلب الطاولة قد يعني الحرب، لكن توقيتها لا يعلمه أحد، وهناك اكثر من هدف اسرائيلي للحرب، اولها لبنان، وفي هذا المجال ثمة اطراف لبنانية معارضة تعتقد ان مواجهة اي عدوان اسرائيلي ستكون صعبة سياسياً في مثل الظروف التي يمر بها لبنان، وبوجود قوى سياسية مؤيدة للخلاص بأي سبيل من سلاح المقاومة، ومؤيدة للمشروع الأميركي الذي لا زال قائماً في المنطقة ولو بأوجه وأيادٍ جديدة ومختلفة عن السابق، خاصة ان تجربة حرب تموز سياسياً لا زالت ماثلة للعيان.
لذلك تستعجل قوى المعارضة تشكيل الحكومة، لمواجهة اي ظروف مستجدة أو طارئة في المنطقة، بتماسك الحد الأدنى داخلياً، وهي تعتقد أيضاً أن تشكيل الحكومة سريعاً يساعد الرئيس سعد الحريري على الخروج من الشرنقة التي سجن نفسه فيها طيلة أربعة أشهر ولا زال، لإرضاء بعض الأطراف في الداخل والخارج، تارة بعدم الإقرار بحقوق المعارضة المسيحية في التشكيلة، وطوراً محاولة تعويم القوى المسيحية في الأكثرية ونفخها بكل السبل لتكبير حجمها.
ولعل الأشهر الأربعة الماضية قد أسهمت في إضعاف وهج الرئيس المكلف، وفرملت اندفاعته التي كان يمكن أن تكون اقوى في الحكم، لو هو قدر ظروف البلد جيداً وتعامل مع أحجام القوى السياسية كما هي في الواقع، وشكل حكومته الاولى باكرا، مستفيداً من تسمية الاكثرية النيابية له موالاة ومعارضة في التكليف الاول. لكن بعد تراجع حجم التأييد النيابي له في التكليف الثاني، اضطر الحريري الى العودة لنقطة الصفر، عبر الاقرار «بحقوق» تكتل التغيير والاصلاح في تسمية وزرائه واختيار حقائبه اسوة بغيره من قوى سياسية.
ويخشى انه اذا ماطل الحريري اكثر، ومدد مهلة تشكيل الحكومة، ان تستفيد اسرائيل من الوقت الضائع، وترتكب عملاً قد يعرقل نهائياً تشكيل الحكومة، وثمة من يقدّر ان الوضع الدولي والاقليمي قد يتغير بعد اشهر قليلة لغير مصلحة اسرائيل، فيمنعها من تعطيل المضي في خيار التسوية والتهدئة في المنطقة، لكن هذه الاشهر الفاصلة عن ترقب التحولات قد تكون هي المقتل السياسي للبنان، وللحريري تحديداً، اذا لم يتم استغلال مرحلة التفاهم الداخلي القائمة حالياً على الأساسيات في إدارة البلد ومواجهة المخاطر.
أما ماذا سيحصل بعد تشكيل الحكومة، وكم ستعيش الحكومة، فهذا أمر آخر ورهن أداء الرئيس الحريري؟

Script executed in 0.19511985778809