أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

العودة إلى القناديل وبوابير "الكاز" في صيدا خوفاً من الظلام... ومهنة تصليح البوابير عادت الى الإزدهار

الخميس 09 تموز , 2020 08:13 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 12,838 زائر

العودة إلى القناديل وبوابير "الكاز" في صيدا خوفاً من الظلام... ومهنة تصليح البوابير عادت الى الإزدهار

كتبت صحيفة نداء الوطن:
لا يستبشر أحمد الحجّاج (50 عاماً) خيراً باستفحال الأزمة الإقتصادية والمالية والمعيشية الخانقة التي يمرّ بها لبنان، يستعدّ للأسوأ وعلى مُختلف المستويات الحياتية. فقد شرع منذ أيام بتأمين مادة الكاز، واشترى قِنديلين (مصباح يُضاء على الكاز) للإنارة، خِشية إنقطاع التيّار الكهربائي نهائياً، وتوقّف مولّدات الإشتراكات الخاصة التي تؤمّن 75% من التغذية اليومية.

يقول الحجّاج: "لقد اشتريت قنديلين، إضافة الى كمّية من الكاز، وتحضّرت للأسوأ لأنّ كل شيء وارد، في ظلّ وعود المسؤولين العرقوبية وعدم ترجمتها الى إفعال. فالمؤشّرات سلبية، وعدم وجود بوادر حلول قد تصل بِنا الى الظلام"، مُضيفاً: "تربّيت في مجتمع كشفي، ويجب علي أن أكون مُستعدّاً دائماً، وقصّتي مع القنديل طويلة، بدأت في المخيّمات الكشفية منذ 43 عاماً، وأُجيد إستخدامها والتعاطي معها".

داخل منزله في صيدا القديمة، يُجري الحجّاج تجربة على القنديلين، يُشعِلهما، يتأكّد من جهوزيّتهما ونورهما الساطع، ويضيف: "لم يستوعب أولادي الأمر بعد، عُدنا الى نقطة الصفر، بينما هناك في المقلب الآخر من الكرة الأرضية، من بات يستفيد من الشمس والرياح لتوليد الطاقة، ونحن قُيّض لنا أن نُشعِل فتيلاً يتغذّى بمادة نفطية اكتُشفت قبل 100 عام، هل هذا مصير لبنان؟ إنّه أمر مُعيب ومُخجل".
وفي أسواق صيدا، تنقّلت الشابة الجامعية هيفاء سليمان (22 عاماً) بين محال الخرضوات لشراء قنديل، تقول: "لم أستخدم القنديل مرّة في حياتي، ولا أعرف كيفية إستعماله، نحن جيل "النت والديجيتال"، لكنّ والدتي طلبت منّي شِراء قنديل خِشية انقطاع الكهرباء كلّياً". وخاطبت المسؤولين بالقول:"لا سامحكم الله، كان الله بعون الشعب نحن بلد العلم والحضارة عدنا الى ضوء القنديل".
مخاوف وبوابير

لا يُخفي أبناء المدينة أنّ التقنين القاسي بالتيار الكهربائي والمولّدات الخاصة (الاشتراكات)، والمخاوف من العتمة، فرضت أسلوباً جديداً في الحياة من التقشّف ومحاولة التأقلم مع الأمر الواقع، وشهدت أسواق صيدا إقبالاً كثيفاً على شراء القناديل (مصباح يُضاء على الكاز) وعلى البوابير(بريموس) الذي كان يُستخدم للطهي وتسخين المياه والإستحمام منذ ثلاثة عقود، بعد التهافت على التزوّد بالشموع ولمبات البطارية، وسواها من أدوات الإنارة التي تُشحن على الكهرباء.

المعلمّ محمود القنواتي، رجل ثمانيني تعلّم مهنة تصليح البوابير (السنكري) منذ أن كان صغيراً، وهي مهنة تتعلّق بكل شيء يُصنع من التنك ويُصهر بالقصدير. عادت الروح الى دكّانه الذي يعلو سقفه "الشحتار". يجلس داخله على كرسيّ قديم، وقد استأنف تصليح البوابير بعد ازدياد الطلب عليها. يقول: "يأتي العشرات كلّ يوم، يطلبون شراء بابور أو يسألون عن مكان بيعه، ومنهم من يحمِله بيده، بعدما كان قد أحاله على التقاعد وأصبح مُعلّقاََ على جدران غرفة الجلوس كتحفة لإصلاحه وصيانته"، مُضيفاً: "اليوم عادت المهنة الى الإزدهار مُجدّداً وكأنّها نهضت من الموت، وعاد البابور معها ليعمل من جديد، بعدما تلاشت منذ ثلاثة عقود امام التكنولوجيا وأفران الغاز والكهرباء والسخّانات وسواها".
لمزيد من التفاصيل:nidaalwatan.com/article/25037
المصدر: محمد دهشة-نداء الوطن

 

Script executed in 0.19262790679932