كتب محمد دهشة في نداء الوطن:
داخل السوق الشعبي في صيدا، لا يتوقّف الإسكافيون عن الطَرق على السِندان وخياطة الأحذية المُستعملة وإعادة الرَونق اليها، ويؤكد الكندرجي أحمد البزري، الذي يُزاول المهنة التي ورثها عن أبيه منذ ثلاثة عقود ونصف، أنّ "تدنّي سعر الليرة اللبنانية امام ارتفاع الدولار، اضطر الكثير من الناس لصرف النظر عن شراء أحذية جديدة وإعادة إصلاح أحذيتهم القديمة وتجديدها"، موضحاً أنّ قاصديه "هم من أبناء الطبقات الفقيرة ومن مُختلف فئات المجتمع اللبناني وبينهم الفلسطيني والسوري، هؤلاء باتت أحذيتهم تُرمّم وتُخاط أكثر من مرّة وحتى تُصبغ ليعود الرونق اليها"، مؤكّداً أنّ "هذه المهنة التي شهدت تراجعاً كبيراً في السنوات الماضية، عاد سوقها ليزدهر في هذه الفترة، إذ أنّ الكثير لا قُدرة لديهم على شراء حذاء بـ 10$ وهذا أقلّ سعر"، مُشيراً الى أنّ "أدوات ولزوم تصليح الأحذية ارتفع ثمنها، وبات تصليح اي حذاء يبدأ بـ 5 آلاف ليرة لبنانية وما فوق".
ويستخدم البزري في عمله عدّة تتألّف من المسمار واللاصق وخيطان لزوم آلة الدرز، فضلاً عن كاوتشوك لتصفيح الحذاء الرجالي، اضافة الى حبّات الكعب لـ "كندرة" المرأة التي هي دوماً بحاجة الى تبديل، ويقول مُمازِحاً: "نحن نعتاش من وراء جنس حواء، هنّ يُصلِحن نِعالهنّ باستمرار"، مُضيفاً: "لقد وصلنا الى مرحلة مُزرية، فالناس فقيرة وتأتينا بأحذية بالأساس مصنوعة من الجلد الإصطناعي او النايلون وتريد إصلاحها... في السابق كانت هذه الأحذية تُرمى بعد استهلاكها، لكنّ اليوم نعمل على لصقها وترقيعها وحِياكتها بالخيطان وبالنهاية تدوم وقتاً مقبولاً، وهناك من يُريد تصليح مشاية (حفاية) التي كان سعرها لا يزيد عن ثلاثة آلاف ليرة"، خاتماً: "زمن رمي الأحذية القديمة ولّى الى غير رجعة، وهذه المرة الأولى التي نمرّ بها".
مريم معنية وهي أمّ لطفلين، التي قصدت سوق البازركان لإصلاح حذائها، تقول: "زوجي يعمل أجيراً مياوماً في بيع الخرضوات، بالكاد يحصل على 25 ألف ليرة، ولا قُدرة لدينا على شراء أحذية جديدة، فأسعارها خيالية وأقلّ حذاء بـ 70 ألف ليرة"، مُضيفة بحسرة: "لا بدّ من التكيّف مع الواقع الجديد والقبول بالأمر، ولا خلاص لنا الا بألّا يطول أمد الأزمة حتى نستطيع تأمين لقمة الطعام ونبقى على قيد الحياة".
لمزيد من التفاصيل:nidaalwatan.com/article/25484
محمد دهشة -نداء الوطن