أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الحريري يحاصره الخصوم... والحلفاء

الأربعاء 04 تشرين الثاني , 2009 07:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,654 زائر

الحريري يحاصره الخصوم... والحلفاء

راوح مكانك. لا بل تراجعٌ عن التفاؤل السابق، وربما الدخول مجدداً في دوّامة الأزمة. الجديد في النقاش الحكومي هو عدم حصول لقاءات مباشرة بين «الأخصام»، في ظلّ حديثٍ عن عقبات أكثريّة تمنع الرئيس المكلّف سعد الحريري من التنازل للجنرال ميشال عون

تراجع منسوب التفاؤل بشأن تأليف الحكومة بعدما كان قد ارتفع أول من أمس. ساعات تفاوض يوم أمس لم تتضمن لقاءات مباشرة، بل نقل رسائل بالواسطة، عبر حلفاء ووسائل إعلام. وكلّما سُئل سياسي عن معلومة ما، يردّ «هذه معلومة إعلاميّة لا أكثر». واستعيض عن اجتماع المعارضة، ليل أمس، باتصالات هاتفيّة. ويتولى الرئيس نبيه بري وحزب الله والنائب سليمان فرنجية التواصل بين الرابية والرئيس المكلف سعد الحريري الذي كان قد رفض آخر اقتراح بإسناد حقيبة الاقتصاد إلى وزير من تكتّل الإصلاح والتغيير، مقترحاً مكانها الصناعة، علماً بأنّ أوساط الرئيس المكلّف قالت إنه متمسك بآخر اقتراح حمله فرنجية، ويقضي بمنح الاتصالات والطاقة لعون إلى جانب السياحة والثقافة أو المهجّرين. لكن الجنرال رفض المهجّرين، وهو لا يمانع في إبقاء الزراعة مع كتلته إذا تعذّر إعطاؤه الاقتصاد.
وأصرّت أوساط قياديّة في التيار الوطني الحرّ على القول إن أي جديد لم يحصل وإن «الأمور عالقة، ليس فقط بسبب ملف الحقائب، بل لأمور أخرى»، مشددة على أن «التيّار هو من يقرّر أسماء وزرائه وكيفيّة توزيعهم على الحقائب، ويرفض أن يضع عليه أحد أي شروط مسبقة».
وقالت الأوساط نفسها إن «العماد عون لا يربط الأمر بحقيبة أو باسم، بل هو يصرّ على تحقيق المشاركة الكاملة سواء في طريقة تأليف الحكومة أو في طريقة إدارتها لاحقاً، وهو الجانب الأساسي من النقاش الذي جرى بينه وبين الحريري في لقاءاتهما السابقة». وأضافت أنه «مثلما احترم الحريري حصص الآخرين من المعارضة، فإن عون غير معنيّ بعلاقة الحريري وحلفائه، ولا سيّما المسيحيين منهم وهو يريد حصة التيار كما هي من دون نقصان».
أما الحريري، الذي يبدو أنه تعب، فقد أبلغ زوّاره أنه لم يعد يتحمّل الضغوط التي يتعرض لها من كل صوب، إذ رفض منح حقيبة الاقتصاد للعماد عون لأنه يشعر بأنه عرضة لعملية ابتزاز مفتوحة وأنه تعب من هذه اللعبة، إذ كلما وافق على تنازل زادت مطالب العماد عون
في المقابل، أشارت أوساط بري وحزب الله إلى أن «الأمور تتقدم، وأن العالق يمكن حلّه، لكن ليس هناك من وقت محدّد لإنجاز الأمر».
لكنّ رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمّد رعد، تحدّث في غداء تكريمي للإعلاميين أقامته مؤسسة الشهيد التابعة لحزب الله عن عدم اطمئنان لجهة تأليف الحكومة، متسائلاً عمّا إذا كان هناك من «حصان طروادة داخلي يعطّل تأليف الحكومة وفق هذه الصيغة تحت أي ذريعة من الذرائع». ولفت إلى أن «هذا ما سنكتشفه بعد ساعات».
ورأى رعد أن «المسألة باتت قاب قوسين أو أدنى من القرار النهائي الحاسم الذي إما أن يفضي إلى ولادة حكومة تعكس الرغبة لدى المواطنين جميعاً بالوحدة الوطنية والشراكة الحقيقة، وإما نكون أمام أزمة طويلة لا يعلم أحد مداها». وأضاف أن حزب الله يرى أن الشكل الذي «ننتظر حسمه خلال الساعات القليلة المقبلة يصعب علينا أن نتصوره عائقاً أمام تأليف حكومة الوحدة الوطنية».
أمّا على جبهة الأكثريّة النيابيّة، فقد قال نائب مقرب من الرئيس المكلّف إن «الحريري لم يتلقّ عرضاً رسمياً من عون بخصوص حصول تكتّل التغيير والإصلاح على حقيبة الزراعة والثقافة إلى جانب الاتصالات والطاقة» على أن تكون الأخيرة بيد جبران باسيل، وهو ما أورده عدد من وسائل الإعلام أمس. ولفت النائب إلى أن آخر عرض تلقاه الحريري من عون هو ما نقله المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، حسين الخليل، أول من أمس، لناحية «المطالبة بالحصول على وزارة الاقتصاد إلى جانب الطاقة والاتصالات والسياحة».
بدوره، أبدى أحد سياسيي الأكثريّة تشاؤمه لجهة التأليف، مشيراً إلى وجود مجموعة من العقبات عند الجانبين. ولفت إلى أن رئيس الهيئة التنفيذيّة في القوات اللبنانيّة سمير جعجع والأمانة العامّة لقوى 14 آذار والنائب بطرس حرب وبعض نواب تيّار المستقبل يرفضون «التنازلات التي قام بها الحريري لعون، مشيرين إلى أنها تُضعف صورة الرئيس المكلّف. ويُضاف إلى ذلك رغبة الحريري وحرب في أن تكون وزارة العدل من حصّة حرب، مع إصرار جعجع على أن تبقى من نصيب الوزير إبراهيم نجّار». كذلك تخوّفت هذه المصادر من المناخ السلبي بين إيران والسعوديّة وموقف وزيرة الخارجيّة الأميركيّة هيلاري كلينتون، وتحديد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لدور الحكومة الجديدة بنزع سلاح حزب الله (تفاصيل صفحة 2ـــــ3).
كذلك، أبلغ الحريري رئيس حزب الكتائب، أمين الجميّل في لقائهما الليلي أول من أمس، أن لديه تحفظاً على تولي مستشار الرئيس الأسبق، سجعان القزي، وزارة الكتائب وهو ما رفضه الجميّل بالمطلق، مشيراً إلى أن من حق حزبه تسمية وزيره. ورأت مصادر في الكتائب أن الحريري «فشل في فرض أسماء الوزراء على خصومه، فأراد فرضها على حلفائه»، متخوّفةً من أن يكون الرئيس المكلّف «يُريد أن يُمثّل الكتائب أحد الذين يزورون قريطم دورياً». لكنّها ارتاحت إلى طرح الحريري على الجميّل وزارة «دسمة» من نوع وزارة التربية.
وكان الرئيس الجميّل قد أعلن في حديث تلفزيوني أن أجواء لقائه مع الحريري كانت إيجابيّة وتضمنت طمأنات لولادة قريبة للحكومة. ورغم أنه أكّد أن لحزب الكتائب اعتراضات على هذه الحكومة التي «لا تعبّر عن طموحات الشعب اللبناني»، رأى الجميّل أن «مجرد القبول بالحكومة هو انتصار للأكثريّة من حيث الانتصار على التعطيل والرغبة بشلّ المؤسسات، وإن قدم هذا الفريق تنازلات ولم تكن الحكومة مثاليّة».

الحريري لديه تحفظاً على توزير مستشار الرئيس الأسبق، سجعان القزي

وشدّد الجميّل على تسهيل تأليف الحكومة ودعمها، لافتاً إلى أن ذلك «بداية طريق جديدة من الصعوبات والتحديات من حيث البيان الوزاري». وأضاف: «من الواضح أنه لا يمكن القبول بما يمسّ سيادة لبنان واستقلاله، إذ من المفترض أن تكون سيادة لبنان بيد الدولة اللبنانيّة من حيث قرار السلم والحرب والتفاوض».
ونفى الجميّل أن يكون قد اتُّفق مع حزب الكتائب على البيان الوزاري، مؤكداً أن «الحزب غير معنيّ بأي حديث عن هذا الموضوع في الكواليس».
وفي السياق، أشار الوزير ماريو عون، عقب لقائه بالرئيس فؤاد السنيورة، إلى «وجود بعض العقبات التي تحول دون تأليف الحكومة»، آملاً أن «تذلّل خلال اليومين المقبلين». وأضاف: «صحيح أن حقيبتَي الاتصالات والطاقة حُسمتا للتيّار، لكن بالنسبة إلى الأسماء لم يُحسم أنّ الوزير جبران ليس وزيراً للاتصالات، وكذلك بالنسبة إلى الحقيبتين الباقيتين والعروض ليست مقبولة بالنسبة إلى السياحة والمهجرين».

كلينتون مع حكومة تمثّل التنوع

بدورها، قالت وزيرة الخارجيّة الأميركيّة هيلاري كلينتون، في حديث تلفزيوني، إن «الموقف في لبنان يبعث على الأسى. أعتقد أن الوقت قد حان للشعب والقيادة في لبنان للعمل من أجل لبنان، لا للعمل من أجل أي نفوذ أجنبي وأي هاجس خارجي آخر. كذلك يجب عليهم أن يضعوا مصالحهم الشخصية أو طموحاتهم الشخصية جانباً لمصلحة البلاد بكاملها وأن يؤلفوا حكومة تمثّل التنوع الكامل للبنان بحيث يمكن اتخاذ قرارات تحسّن مستقبل لبنان».
وفي ما يخصّ العلاقة مع دمشق، أشارت كلينتون إلى أنّه لا خطط لها لزيارة سوريا في المستقبل المنظور، «لكنني أود أن أرى تغيّراً في السلوك والأعمال السوريّة. قمنا بالانخراط الدبلوماسي مع سوريا في عدد من القضايا، لكننا لا نعرف بعد كيف تعتزم سوريا الرد. نحن نأمل رداً إيجابياً، وسنستمر في محاولة تحقيق ذلك، لكن يجب ألّا يقتصر الأمر على الحديث. يجب أن تكون هناك أفعال أيضاً».


Script executed in 0.18857192993164