نشرت جريدة الاخبار مقالاً تحت عنوان المازوت "جنوباً كثير... في السوق السوداء" وكتبت: برغم استعار فضائح السوق السوداء في احتكار وتوزيع وبيع المازوت وتولي الأمن العام منذ 10 أيام مهمة ضبطها، لم تحلّ أزمة المازوت في الجنوب. وكما في باقي المناطق، لن تُحلّ قريباً. بعض القرى تعيش ساعات طويلة من الظلام، فيما في البعض الآخر تمكّنت البلديات من تأمين حاجة المولّدات إلى المازوت، من منشآت الزهراني، وفقاً للآلية التي جرى إقرارها، والتي تخضع لرقابة الأمن العام. لكن تأمين المازوت لا يعني دوماً وصول النور إلى المنازل والمؤسسات والمحال. فأصحاب المولدات الخاصة يُخضِعون مشتركيهم لتقنين، كل منهم وفقاً لمزاجه. قد تجد في بلدة مولداً يؤمن الكهرباء للمشتركين طوال فترة انقطاع «كهرباء الدولة»، فيما زميله، صاحب مولّد آخر في البلدة نفسها، يعتمد التقنين. الأزمة لم تكسر الكارتيلات المسيطرة، من شركات نفط وأصحاب صهاريج وسماسرة وأصحاب مولّدات. على العكس من ذلك، باتت الكارتيلات أكثر قوة.
يتوفر المازوت في السوق السوداء، حيث سقف السعر مفتوح. في السوق السوداء بسعر يصل إلى 40 ألف ليرة للتنكة الواحدة، فيما يباع في المنشآت بمعدل 15 ألف ليرة للصفيحة. حالات المصير الغامض لشاحنات المازوت بعد خروجها من منشآت الزهراني تكررت أخيراً بوتيرة لافتة، إضافة إلى وصول الكميات ناقصة إلى وجهتها. على سبيل المثال، شكا رئيس إحدى البلديات في قضاء بنت جبيل من أن طلبية المازوت التي خرجت من الزهراني في طريقها إليها كانت 20 ألف ليتر لتعبئة شبكة المولدات التي تديرها البلدية. لكنها وصلت 8 آلاف ليتر، مرفقة بفواتير تشير إلى أن بلديته تسلمت العشرين ألف ليتر! الموقف نفسه تكرر مع نائب جنوبي طلب من إدارة المنشآت إرسال عشرة آلاف ليتر إلى إحدى البلدات لإعادة تشغيل مولداتها. لكن الصهريج أوصل 6300 ليتر مع فواتير بالكمية الكاملة سُجِّلت على حساب البلدية والنائب في الزهراني.
تأمين المازوت لا يعني دوماً وصول النور إلى المنازل، بسبب تقنين كهرباء المولّدات
مصدر أمني أكد لـ«الأخبار» وجود شبكة مافيا أفرادها موظفون وسماسرة وتجار بين المنشآت وخارجها تسحب كميات هائلة من المازوت على اسم الشركات المرخصة، أحياناً من دون علمها وبفواتير وهمية وتعطيها جزءاً قليلاً منها وتبيع الكميات المتبقية في السوق السوداء. تلك السلوكيات دفعت بالأمن العام ومديرية الجمارك وأمن الدولة إلى استحداث نقاط أمنية لمراقبة دخول الصهاريج وخروجها، والوجهة التي ستسلم إليها المازوت وبالكميات المحددة في كشوفات المنشآت. وفي الإطار نفسه، أكد المصدر وجود مافيا موازية لمافيا السوق السوداء، هي مافيا سرقة المازوت من البحر، إما مباشرة عبر مد أنابيب من البواخر أو بالاتفاق مع العاملين على الباخرة على التسريب العمدي للنفط قبل أن يملأوه ببراميل من البحر.
ينطبق على منشآت الزهراني ما ينطبق على مثيلتها في دير عمار. لا تخضع للرقابة ولا لقيود المحاسبة العامة ولا موازنة واضحة لديها أقله ضمن موازنة العام 2020. ذكرها الوحيد اقتصر على تحويل وزارة الطاقة والمياه التي تتبع إليها مبلغ 8 مليارات و100 مليون ليرة كمساهمة لإعادة بناء الخزانات في المصفاتين.