لبيروت من قلبي سلام.. لطالما صدح صوت فيروز هذا في قلوبنا نحن البعيدين عن ست الدنيا . لم تشفع لك يابيروت كل صلواتنا فلا ينفك الموت يحوم فوق افقك . ما سر هذا الاصرار على إدماء مقلتيك؟ وما مبعث هذا الحقد على جمال عينيك؟ وما بالها كل قوى الشر والعبث لا تستطيب الاقامة الا في مخدعك ؟ لقد ادمنتِ يا بيروت على التسامح مع القتلة ومسحت عن ثوبك الجميل ،كل مرة غبار خطاياهم ،وغسلت وجهك المدمى وضفائرك المبعثرة ، كل مرة بماء المحبة والغفران . لكنهم يا بيروت وحوش كاسرة لا تفقه معنى لغتك الراقية و ولا تأنس لاشراق وجهك المفتوح على المدى. أما آن يا بيروت أن تفرجي عن غضب الدنيا المستودع في صدرك وترميه في وجوههم الدميمة ؟ يا سيزيف العصر ويا جبل الصبر ، دحرجي على "قلوبهم السمينة الفاجرة" صخرة عذابك للمرة الأخيرة ، و ليلبِ أحرار لبنان نداءك الجريح ،فلقد بلغ سيل العذابات زبى كل احتمال وجاوز ظالموك المدى وأوغلوا في دماء أهل الوطن من أقصاه الى أقصاه. قومي يابيروت ،انفضي عنك وعن لبنان هذا الموت الرخيص في بازارات خاطفيك و أسواق البيع الآثم للشرف والاستهتار بكرامة الأوطان والعبث بقداسة الإنسان.
يا ست الدنيا يا بيروت أدمت قلوبنا نكبتك وجرحت مآقينا مأساتك ، يا كل الدنيا يا بيروت ، اصرخي في كل وجوه الفسقة والاشرار صرخة مكبوتة في صدور كل الأحرار : ارحلوا ايها الخونة القابضون على أزمة عيشنا وأحلامنا وغد أجيالنا، فلقد آن لأبناء هذا الوطن المصلوب على أخشاب أنانياتكم ومحاصصاتكم وقذارات سياساتكم، ان يقومموا من موتهم .. آن يا حبيبتنا يا بيروت أن يخرجوا سيوف عزهم من أغماد ذلها الى فضاء الإقتصاص من كل مجرم وضيع وكل لص حقير سرق الفرح من عيون الاطفال والحلم من عقول الشباب والأمان من قلوب الكبار.
سلام من حزننا يا بيروت على وجهك المعفر بوحول الاهمال .. سلام على جبينك المضرج بدماء المتعبين والكادحين الملقاة أجسادهم على ثغرك المتوسطي الوضاء، ودمعة ساخنة من حر قلوبنا على تلك الأرواح التي حلقت فوق زرقة الموج نوارس بيضا شاهدة أبدية على آثام كل الأيادي السود..
سلام عليك يا بيروت يا مدينة السلام ..يا قتيلة .. يا جميلة يا عروس المدائن و يا درة تاج العواصم ويا أجمل المراكب سبية في براثن أحقر القراصنة.
والموت والعار لكل الخونة المارقين والسماسرة العابثين بمصائر الأوطان.
بقلم عدنان بيضون