صدر عن الرئيس الدكتور سليم الحص ما يلي:
"منذ الأربعاء وأنا عاجز عن التعليق لهول الفاجعة والجريمة التي لحقت بلبنان. لقد بلغت من العمر عتيا وقد آليت على نفسي أن أعتزل السياسة والعمل العام، بيد أني لا أستطيع إلا أن أدلي بدلوي أمام فظاعة هذه الكارثة.
في غمرة الفظاعات التي كانت ترتكب خلال الحرب لم أتمالك يوماً أن قلت: “إن في لبنان وحوشاً تخطر بين الناس كالبشر”. لقد دأبنا على تهشيم هذا الوطن وصورته وتهافتنا على تقويض ما كان من مقوماته فإذا بنا اليوم نغرق في مستنقع العقم والفساد والعجز المالي والانهيار الاقتصادي. لقد هشمنا وطننا لا بل وصلنا لحد تشوية صورة الفساد والإجرام والقتل. لقد قزمنا أسوأ مجرمي العالم عبر التاريخ أمام هول إجرامنا بحق شعبنا. لقد هتكنا، نحن المواطنون، بالديمقراطية وبالشعب وبالوطن عندما اخترنا ممثلينا في صندوق الاقتراع وأعدنا اختيارهم ثم أعدنا اختيارهم أو من شابههم حتى صارت الانتخابات أشبه بسوق نخاسة يحكمه المال السياسي والطائفية والمذهبية والمصالح الضيقة الآنية والسير بركب "الزعيم" .
الجحيم الذي نعيشه ليس مجرد مسرحية تشاهد بنجومها السياسيين، ومن ورائهم منتجون ومخرجون من الداخل والخارج. فالمسرحية لا قيمة لها، لا بل هي فعلياً ما كانت لتكون، لولا جمهور المشاهدين. لا وجود لمسرحية من دون مشاهد. والمشاهد هو نحن، هو المواطن، هو الناخب، هو الرأي العام. هذه المسرحية، ذات الموضوع المضحك المبكي، تنتهي يوم يدرك المواطن انه هو المسؤول عن تقبلها. ويوم يرفضها تنتهي فصولاً.
قلتها في الثمانينات ورددتها مرارا وأقولها الآن: "إن في لبنان وحوشا تخطر بين الناس كالبشر". لقد بلغ السيل الزبى وحان وقت المحاسبة والإطاحة بكل من هو مسؤول عما وصلنا إليه أيا كان ومهما علا شأنه وإلى أية جهة انتمى. لقد سقطت الأقنعة والخطوط الحمر بسقوط الضحايا البريئة يوم الأربعاء.
أتقدم من أهالي الشهداء بأحر التعازي راجيا المولى أن يلهمهم الصبر والسلوان وأن يتغمد أحبتهم برحمته وأتمنى للجرحى والمصابين الشفاء العاجل".